الشيطان فيما يزينه لهم من عبادة غير الله- تعالى-، ومن أفعال الشر..
ومراد اللعين: أنه إن كان إشراككم لي مع الله- تعالى-، هو الذي أطمعكم في نصرتي لكم ... فإنى متبرئ من هذا الشرك، فلم يبق بيني وبينكم علاقة ... فالكلام محمول على إنشاء التبري منهم يوم القيامة..
ثم قال: وجوز غير واحد أن تكون «ما» موصولة بمعنى من، والعائد محذوف، و «من قبل» متعلق بكفرت. أى: إنى كفرت من قبل- حين أبيت السجود لآدم- بالذي أشركتمونيه. أى: جعلتموني شريكا له في الطاعة وهو الله- عز وجل- ...
والكلام على هذا إقرار من اللعين بقدم كفره، وبسبق خطيئته فلا يمكنه أن يقدم لهم عونا أو نصرا ... «١» .
وجملة «إن الظالمين لهم عذاب أليم» في موقع التعليل لما تقدم، والظاهر أنها ابتداء كلام من جهته- تعالى-: لبيان سوء عاقبة الظالمين.
ويجوز أن تكون من تتمة كلام إبليس- الذي حكاه القرآن عنه-، ويكون الغرض منها قطع أطماعهم في الإغاثة أو النصر، وتنبيه المؤمنين في كل زمان ومكان إلى عداوة الشيطان لهم وتحذيرهم من اتباع خطواته.
قال الشيخ الشوكانى- رحمه الله- ما ملخصه: «لقد قام الشيطان للكافرين في هذا اليوم مقاما يقصم ظهورهم، ويقطع قلوبهم، فأوضح لهم أولا: أن مواعيده التي كان يعدهم بها في الدنيا باطلة معارضة لوعد الحق من الله- تعالى- وأنه أخلفهم ما وعدهم به ...
ثم أوضح لهم ثانيا: بأنهم قبلوا قوله بما لا يتفق مع العقل، لعدم الحجة التي لا بد للعاقل منها في قبول قول غيره.
ثم أوضح لهم ثالثا: بأنه لم يكن منه إلا مجرد الدعوة العاطلة عن البرهان، الخالية عن أيسر شيء مما يتمسك به العقلاء.
ثم نعى عليهم رابعا: ما وقعوا فيه، ودفع لومهم له، وأمرهم بأن يلوموا أنفسهم، لأنهم هم الذين قبلوا الباطل البحت الذي لا يلتبس بطلانه على من له أدنى عقل.
ثم أوضح لهم خامسا: بأنه لا نصر عنده ولا إغاثة ... بل هو مثلهم في الوقوع في البلية..
(١) تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ١٨٩.