الكلمة الطيبة وهي كلمة الإسلام، بالشجرة الطيبة، أى النافعة في جميع أحوالها، وهي النخلة.
ثم وصف- سبحانه- هذه الشجرة بصفات حسنة فقال: أَصْلُها ثابِتٌ.
أى: ضارب بعروقه في باطن الأرض فصارت بذلك راسخة الأركان ثابتة البنيان.
وَفَرْعُها أى: أعلاها وما امتد منها من أغصان، مشتق من الافتراع بمعنى الاعتلاء فِي السَّماءِ أى: في جهة السماء من حيث العلو والارتفاع، وهذا مما يزيد الشجرة جمالا وحسن منظر.
والمراد بالأكل في قوله- تعالى- تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها.. المأكول، وهو الثمر الناتج عنها.
والمراد بالحين: الوقت الذي حدده الله- تعالى- للانتفاع بثمارها من غير تعيين بزمن معين من صباح أو مساء..
قال الشوكانى ما ملخصه: «قوله تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ كل وقت بِإِذْنِ رَبِّها بإرادته ومشيئته» .
وقيل: المراد بكونها تؤتى أكلها كل حين: أى كل ساعة من الساعات من ليل أو نهار في جميع الأوقات من غير فرق بين شتاء وصيف. وقيل المراد في أوقات مختلفة من غير تعيين.
وقيل: كل غدوة وعشية، وقيل: كل شهر..
وهذه الأقوال متقاربة. لأن الحين عند جمهور أهل اللغة بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره «١» .
وبهذا نرى أن الله- تعالى- قد وصف هذه الشجرة بأربع صفات، أولها: أنها طيبة، وثانيها: أن أصلها ثابت، وثالثها: أن فرعها في السماء، ورابعها: أنها تؤتى ثمارها كل حين بإذن ربها.
وهذه الأوصاف تدل على فخامة شأنها، وجمال منظرها، وطيب ثمرها، ودوام نفعها كما تدل على أن المشبه وهو الكلمة الطيبة، مطابق في هذه الأوصاف للمشبه به وهو الشجرة الطيبة.
وقوله- سبحانه- وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ بيان للحكمة التي
(١) تفسير فتح القدير للشوكانى ج ٣ ص ١٠٦.