سورة الحجر من السور التي افتتحت ببعض حروف التهجي الر.
وقد بينا- بشيء من التفصيل- عند تفسيرنا لسورة: البقرة، وآل عمران، والأعراف ...
آراء العلماء في هذه الحروف التي افتتحت بها بعض سور القرآن الكريم.
وقلنا ما خلاصته: من العلماء من يرى أن المعنى المقصود منها غير معروف لأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه..
ومنهم من يرى أن المعنى المقصود منها معلوم، وأنها ليست من المتشابه، بل هي أسماء للسور التي افتتحت بها ... أو هي حروف مقطعة بعضها من أسماء الله، وبعضها من صفاته ...
ثم قلنا: ولعل أقرب الآراء إلى الصواب أن يقال: إن هذه الحروف المقطعة، قد وردت في افتتاح بعض السور للإشعار بأن هذا القرآن الذي تحدى الله به المشركين، هو من جنس الكلام المركب من هذه الحروف التي يعرفونها، ويقدرون على تأليف الكلام منها، فإذا عجزوا عن الإتيان بسورة من مثله، فذلك لبلوغه في الفصاحة والحكمة مرتبة يقف فصحاؤهم وبلغاؤهم دونها بمراحل.
وفضلا عن ذلك فإن تصدير بعض السور بمثل هذه الحروف المقطعة، يجذب أنظار المعرضين عن استماع القرآن حين يتلى عليهم إلى الإنصات والتدبر، لأنه يطرق أسماعهم في أول التلاوة ألفاظ غير مألوفة في مجاري كلامهم وذلك مما يلفت أنظارهم ليتبينوا ما يراد منها، فيسمعوا حكما وهدايات قد تكون سببا في استجابتهم للحق، كما استجاب صالحو الجن الذين حكى الله- تعالى- عنهم أنهم عند ما استمعوا إلى القرآن قالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً....
واسم الإشارة تِلْكَ يعود إلى الآيات التي تضمنتها هذه السورة، أو إلى جميع الآيات القرآنية التي نزلت قبل ذلك.
والمراد بالكتاب: القرآن الكريم، ولا يقدح في هذا، ذكر لفظ القرآن بعده، لأنه- سبحانه- جمع له بين الاسمين تفخيما لشأنه، وتعظيما لقدره.
ومُبِينٍ اسم فاعل من أبان الذي هو بمعنى بان، مبالغة في الوضوح والظهور.