للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على أن المراد بالسبع المثاني سورة الفاتحة ما أخرجه البخاري بسنده عن أبى سعيد بن المعلى قال: مربى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلى، فدعاني فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقال: ما منعك أن تأتينى؟ فقلت: كنت أصلى.

فقال: ألم يقل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.

ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد؟ ثم ذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج، فذكرته فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .

وروى البخاري- أيضا- عن أبى هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أم القرآن هي:

السبع المثاني والقرآن العظيم» .

هذا، وهناك أقوال أخرى في المقصود بالسبع المثاني، ذكرها بعض المفسرين فقال:

اختلف العلماء في السبع المثاني: فقيل الفاتحة. قاله على بن أبى طالب، وأبو هريرة، والربيع بن أنس، وأبو العالية، والحسن وغيرهم. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة من حديث أبى بن كعب وأبى سعيد بن المعلى ...

وقال ابن عباس: هي السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال والتوبة معا ...

وأنكر قوم هذا وقالوا: أنزلت هذه الآية بمكة، ولم ينزل من السبع الطوال شيء إذ ذاك.

وقيل: المثاني القرآن كله، قال الله- تعالى- كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ. هذا قول الضحاك وطاوس، وقاله ابن عباس. وقيل له: مثاني، لأن الأنباء والقصص ثنيت فيه..

وقيل: المراد بالسبع المثاني أقسام القرآن من الأمر والنهى والتبشير والإنذار..

ثم قال: والصحيح الأول لأنه نص. وقد قدمنا في الفاتحة أنه ليس في تسميتها بالمثاني ما يمنع من تسمية غيرها بذلك، إلا أنه إذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنه نص في شيء لا يحتمل التأويل، كان الوقوف عنده «١» .

والذي نراه، أن المقصود بالسبع المثاني هنا: سورة الفاتحة، لثبوت النص الصحيح بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتى ثبت النص الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم في شيء فلا كلام لأحد معه أو بعده صلى الله عليه وسلم.


(١) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>