للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى وراء ذلك، ألا يحفل الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك المتاع الذي آتاه الله- تعالى- لبعض الناس ... ولا يلقى إليه نظرة اهتمام، أو نظرة استجمال، أو نظرة تمن» «١» .

وقال- سبحانه- هنا لا تَمُدَّنَّ ... بدون واو العطف، وقال في سورة طه وَلا تَمُدَّنَّ ... بواو العطف، لأن الجملة هنا مستأنفة استئنافا بيانيا، جوابا لما يختلج في نفوس بعض المؤمنين من تساؤل عن أسباب الإملاء والعطاء الدنيوي لبعض الكافرين. ولأن الجملة السابقة عليها وهي قوله وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ... كانت بمنزلة التمهيد لها، والإجمال لمضمونها.

أما في سورة طه، فجملة وَلا تَمُدَّنَّ ... معطوفة على ما سبقها من طلب وهو قوله- تعالى- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها، وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى. وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً ... «٢» .

وقوله- سبحانه- وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ نهى له صلى الله عليه وسلم عن الاهتمام بالمصير السيئ الذي ينتظر أعداءه.

أى: ولا تحزن- أيها الرسول الكريم- لكفر من كفر من قومك، أو لموتهم على ذلك، أو لأعراضهم عن الحق الذي جئتهم به، فإن القلوب بأيدينا نصرفها كيف نشاء، أما أنت فعليك البلاغ.

وقوله- سبحانه- وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بيان لما يجب عليه نحو أتباعه، بعد بيان ما يجب عليه نحو أعدائه.

وخفض الجناح كناية عن اللين والمودة والعطف.

أى: وكن متواضعا مع أتباعك المؤمنين، رءوفا بهم، عطوفا عليهم.

قال الشوكانى: وخفض الجناح كناية عن التواضع ولين الجانب ... وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إليه بسط جناحه ثم قبض على الفرخ، فجعل ذلك وصفا لتواضع الإنسان لأتباعه ... والجناحان من ابن آدم: جانباه «٣» .

وقوله- سبحانه-: وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ معطوف على ما قبله.


(١) تفسير في ظلال القرآن ج ١٤ ص ٣١٥٤.
(٢) سورة طه الآيتان ١٣٠، ١٣١.
(٣) تفسير فتح القدير للشوكانى ج ٣ ص ١٤٢. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>