للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالحق هنا: الصدق الذي لا يتخلف، والثابت الذي لا يتبدل.

أى: وعدا صادقا ثابتا لا يقبل الخلف، لأن البعث من مقتضيات حكمته- سبحانه-.

والمراد بأكثر الناس: المشركون ومن كان على شاكلتهم في إنكار البعث والحساب والثواب والعقاب يوم القيامة.

وفي التنصيص على أكثر الناس، مدح للأقلية منهم، الذين آمنوا بالبعث وبالآخرة وما فيها من حساب، وهم المؤمنون الصادقون.

هذا، وقد حكى- سبحانه- مزاعم المشركين ورد عليها في آيات كثيرة ومن ذلك قوله- تعالى-: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا، قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ، ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ.. «١» .

وقوله- تعالى-: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ، قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ.. «٢» .

ثم بين- سبحانه- الحكمة من بعث الناس يوم القيامة، فقال- تعالى-: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ.

واللام في قوله «ليبين لهم..» وفي قوله «وليعلم..» متعلقة بما دل عليه حرف «بلى» وهو يبعثهم. أى: بلى يبعث الله- تعالى- الموتى، ليظهر لهم وجه الحق فيما اختلفوا فيه في شأن البعث وغيره، وليعلم الذين كفروا علم مشاهدة ومعاينة، أنهم كانوا كاذبين في قسمهم أن الله- تعالى- لا يبعث من يموت، وفي غير ذلك من أقوالهم الباطلة.

وفي إظهار الحق، وفي بيان كذبهم يوم البعث، حسرة وندامة لهم، حيث ظهر لهم ما أنكروه في الدنيا، وما كانوا يستهزئون به، عند ما كان الرسل- عليهم الصلاة والسلام- يدعونهم إلى نبذ الشرك، وإلى إخلاص العبادة لله- تعالى- وحده.

فالآية الكريمة قد بينت حكمتين لبعث الناس للحساب يوم القيامة، الأولى إظهار ما اختلفوا فيه في شأن البعث وغيره مما جاءتهم به الرسل. والثانية: إظهار كذب الكافرين الذين أنكروا البعث واستهزءوا بمن دعاهم إلى الإيمان به.


(١) سورة التغابن الآية ٧.
(٢) سورة يس الآية ٧٨، ٧٩. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>