للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدابة: كل ما يدب على وجه الأرض، مشتقة من الدب بمعنى الحركة.

قال الجمل: قال العلماء، السجود على نوعين: سجود طاعة وعبادة كسجود المسلم لله- عز وجل- وسجود انقياد وخضوع كسجود الظلال فقوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ. يحتمل النوعين، لأن سجود كل شيء بحسبه، فسجود المسلمين والملائكة سجود طاعة وعبادة، وسجود غيرهم سجود خضوع وانقياد..» «١» .

وأوثرت «ما» الموصولة على من، تغليبا لغير العقلاء، لكثرتهم ولإرادة العموم.

وقوله: «من دابة» بيان لما في الأرض، إذ الدابة ما يدب على الأرض أو- كما يقول الآلوسى- بيان لما فيهما، بناء على أن الدبيب هو الحركة الجسمانية، سواء أكانت في أرض أم سماء..» «٢» .

وقوله «والملائكة» معطوف على «ما» في قوله «ما في السموات وما في الأرض» من باب عطف الخاص على العام.

وخصهم- سبحانه- بالذكر تشريفا لهم. ورفعا لمنزلتهم، وتعريضا بالمشركين الذين عبدوا الملائكة. أو قالوا هم بنات الله.

قوله «وهم لا يستكبرون» أى: والملائكة لا يستكبرون عن إخلاص العبادة له، وعن السجود لذاته- سبحانه- بل هم «عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون» .

ثم وصفهم- سبحانه- بالخشية منه، وبالخوف من عقابه فقال: «يخافون ربهم من فوقهم، ويفعلون ما يؤمرون» .

أى: أن من صفات الملائكة، أنهم يخافون ربهم الذي هو من فوقهم بجلاله وقهره وعلوه- بلا تشبيه ولا تمثيل-، ويفعلون ما يؤمرون به من الطاعات، ومن كل ما يكلفهم به- سبحانه- دون أن تصدر منهم مخالفة.

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد وصفت الله- تعالى- بما هو أهل له- سبحانه- من صفات القدرة والجلال والكبرياء، حتى يفيء الضالون إلى رشدهم، ويخلصوا العبادة لخالقهم- عز وجل-.


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٥٧٤.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>