للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء أجلهم» . أى: فإذا حان الوقت المحدد لهلاكهم، فارقوا هذه الدنيا بدون أدنى تقديم أو تأخير عن هذا الوقت.

هذا، ومن العلماء من ذهب إلى أن المراد بالناس هنا: الكفار خاصة، لأنهم هم الذين أشركوا مع الله آلهة أخرى.

ويبدو لنا أن المراد بالناس هنا: العموم، لأن قوله «من دابة» يشمل كل ما يطلق عليه اسم الدابة، ولأن النكرة في سياق النفي إذا زيدت قبلها لفظة «من» تكون نصا صريحا في العموم.

وإلى العموم أشار ابن كثير عند تفسيره للآية بقوله: يخبر الله- تعالى- عن حلمه بخلقه مع ظلمهم، وأنه لو يؤاخذهم بما كسبوا ما ترك على ظهر الأرض من دابة، أى: لأهلك جميع دواب الأرض تبعا لإهلاك بنى آدم. ولكن الرب- جل وعلا- يحلم ويستر وينظر..» «١» .

وقال القرطبي: فإن قيل: فكيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمنا ليس بظالم؟

فالجواب: يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاء، وهلاك المؤمن معوضا بثواب الآخرة، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أراد الله- تعالى- بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على نياتهم- وأعمالهم-، «٢» .

وشبيه بهذه الآية الكريمة قوله- تعالى-: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا «٣» .

وقوله- تعالى-: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ «٤» .

وقوله- تعالى-: إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «٥» .

ثم حكى- سبحانه- رذيلة أخرى من رذائل المشركين فقال- تعالى- وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ ...


(١) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤٩٧.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ١٢٠.
(٣) سورة الكهف الآية ٥٨. [.....]
(٤) سورة إبراهيم الآية ٤٢.
(٥) سورة نوح الآية ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>