أى: وكما أنزل الله- تعالى- كتابه ليكون هداية ورحمة لقوم يؤمنون، أنزل- سبحانه- أيضا الماء من السماء على الأرض، فتحولت بسبب نزول هذا الماء المبارك الكثير عليها، من أرض جدباء خامدة، إلى أرض خضراء رابية.
ثم حرض- سبحانه- عباده على التدبر والشكر فقال- تعالى-: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ.
أى: إن في ذلك الذي فعلناه بقدرتنا وحدها، من انزل الماء من السماء، وإحياء الأرض به من بعد موتها، لآية عظيمة، وعبرة جليلة، ودلالة واضحة تدل على وحدانيتنا وقدرتنا وحكمتنا، «لقوم يسمعون» ما يتلى عليهم من كلام الله- تعالى- سماع تدبر واعتبار، فيعملون بما اشتمل عليه من توجيهات حكيمة وإرشادات سديدة.
فالمراد بالسمع: سمع القلوب والعقول، لا سمع الآذان فقط، إذ سمع الآذان بدون وعى واستجابة للحق، لا قيمة له، ولا فائدة ترجى من ورائه.
ثم أرشد- سبحانه- إلى مظهر آخر من مظاهر وحدانيته، وعظيم قدرته وعجيب صنعه، وسعة رحمته، حيث خلق للناس الأنعام، وسقاهم من ألبانها، فقال- تعالى-: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً....
والأنعام: تطلق على الإبل والبقر والغنم من الحيوان، ويدخل في الغنم المعز.