للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على اتخاذ الناس عدة الجهاد ليستعينوا بها على قتال الأعداء. وقد لبسها النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه.. «١» .

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ أى: كذلك الإتمام السابغ للنعم التي أنعم بها- سبحانه- على عباده يتم نعمته عليكم المتمثلة في نعم الدين والدنيا، لعلكم بذلك تسلمون وجوهكم لله- عز وجل-، وتدخلون في دين الإسلام عن اختيار واقتناع، فإن من شاهد كل هذه النعم، لم يسعه إلا الدخول في الدين الحق.

ثم سلى الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم عما أصابه من أعدائه فقال: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ.

وجواب الشرط محذوف، والتقدير: فإن استمر هؤلاء المشركون في إعراضهم عن دعوتك بعد هذا البيان والامتنان، فلا لوم عليك، فأنت عليك البلاغ الواضح ونحن علينا محاسبتهم، ومعاقبتهم بما يستحقون من عقاب.

وقوله- سبحانه-: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ استئاف مسوق لبيان الموقف الجحودى الذي وقفه المشركون من نعم الله- تعالى-.

والمراد بالكفر في قوله- تعالى-: وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ الستر لنعم الله عن معرفة لها، وغمطها عن تعمد وإصرار.

أى: إن هؤلاء المشركين، يعرفون نعم الله التي عددها في هذه السورة، كما أنهم يعترفون بأن خالقهم وخالق السموات والأرض هو الله، ولكنهم ينكرون هذه النعم بأفعالهم القبيحة، وأقوالهم الباطلة، كقولهم هذه النعم من الله ولكنها بشفاعة آلهتنا الأصنام، أو كقولهم: هذه النعم ورثناها عن آبائنا.

وجاء التعبير بثم لاستبعاد الإنكار بعد المعرفة بالنعم، فإن من شأن العالم بالنعمة أن يؤدى الشكر لمسديها، وأن يستعملها فيما خلقت له.

وقوله وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ أى: وأكثر هؤلاء الضالين. جاحدون لنعم الله عن علم بها لا عن جهل، وعن تذكر لا عن نسيان.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا.. «٢» .


(١) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ١٦٠.
(٢) سورة النمل الآية ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>