للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله. وقوة عزيمته في طرد الشيطان ووساوسه، واستقبال هدايته بقلب طاهر، وعقل واع وإيمان ثابت «١» .

وكيفية الاستعاذة أن يقول القارئ عند إرادة قراءته للقرآن، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد تضافرت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة.

قال الآلوسى. وروى الثعلبي والواحدي أن ابن مسعود قرأ عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا ابن أم عبد، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أقرأنى جبريل..» «٢» .

وقال صاحب تفسير آيات الأحكام: والأمر بها- أى بالاستعاذة- للندب عند الجمهور.

وعن الثوري أنها واجبة. وظاهر الآية يؤيده، إذ الأمر للوجوب. والجمهور يقولون: إنه صرفها عن الوجوب ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم لم يعلمها للأعرابى- أى الذي سأله عن كيفية الصلاة- وأيضا فقد روى أنه كان صلى الله عليه وسلم يتركها.. «٣» .

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن وسوسة الشيطان لا أثر لها على المؤمنين الصادقين فقال- تعالى-: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ أى: إن الشيطان مهما تمرد وعتا فإنه «ليس له سلطان» أى: ليس له تسلط واستيلاء واستحواذ بالقهر والغلبة، على نفوس الذين آمنوا بالله- تعالى- حق الإيمان والذين هم عليه- تعالى- وحده يتوكلون ويعتمدون لا على غيره.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ «٤» وقوله- تعالى-: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا «٥» .

وبعد أن نفى- سبحانه- أن يكون للشيطان سلطان على نفوس المؤمنين الصادقين، أثبت- سبحانه- أن تسلط الشيطان إنما هو على نفوس الضالين، فقال- تعالى-: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ، وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ.

أى: إنما تسلط الشيطان وتأثيره على الضالين الفاسقين الذين يَتَوَلَّوْنَهُ أى:

يتقربون منه، ويجعلونه واليا عليهم، فيحبونه ويطيعونه ويتبعون خطواته.


(١) تفسير القرآن الكريم ج ١٦ لفضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ٢٢٨. [.....]
(٣) تفسير آيات الأحكام ص ٥٢ ج ٣ لفضيلة الشيخ محمد على السائس رحمه الله.
(٤) سورة الحجر الآية ٤٢.
(٥) سورة الأسراء الآية ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>