للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: ولم يكن ابراهيم- عليه السلام- من الذين أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة أو الطاعة، أو في أى من الأمور، بل أخلص عبادته لخالقه- عز وجل-.

وقال- كما حكى القرآن عنه-: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ «١» .

ووصفه- خامسا- بقوله- سبحانه-: شاكِراً لِأَنْعُمِهِ أى: معترفا بفضل الله- تعالى- عليه، ومستعملا نعمه فيما خلقت له، ومؤديا حقوق خالقه فيها. قال- تعالى-: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أى: قام بأداء جميع ما كلفه الله به.

وبعد أن مدح- سبحانه- إبراهيم بتلك الصفات الجامعة لمجامع الخير، أتبع ذلك ببيان فضله- تعالى- عليه فقال: اجْتَباهُ أى اختاره واصطفاه للنبوة. من الاجتباء بمعنى الاصطفاء والاختيار.

واجتباء الله- تعالى- لعبده معناه: اختصاصه ذلك العبد بخصائص ومزايا يحصل له عن طريقها أنواع من النعم بدون كسب منه.

وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أى: وأرشده إلى الطريق القويم، الذي دعا الصالحون ربهم أن يرشدهم إليه، حيث قالوا في تضرعهم: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. وهو طريق الإسلام.

وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً أى: وجمعنا له خير الدنيا من كل ما يحتاج المؤمن إليه ليحيا حياة طيبة، كهدايته إلى الدين الحق، ومنحه نعمة النبوة، وإعطائه الذرية الصالحة، والسيرة الحسنة، والمال الوفير.

وقد أشار القرآن الكريم إلى جانب من هذه النعم، كما في قوله- تعالى-: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ «٢» .

وكما في قوله- تعالى-: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا.. «٣» .

وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ أى: وإنه في الدار الآخرة لمندرج في عباد الله الصالحين، الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه، والذين كانت لهم جنات الفردوس نزلا.


(١) سورة الأنعام الآية ٧٩.
(٢) سورة الشعراء الآية ٨٤.
(٣) سورة مريم الآية ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>