المشركين بالنبي صلّى الله عليه وسلم فكان هذا الحادث لتسليته صلّى الله عليه وسلم عما أصابه منهم، ولتشريفه وتكريمه..
٣- من المسائل التي ثار الجدل حولها، مسألة: أكان الإسراء والمعراج في اليقظة أم في المنام؟ وبالروح والجسد أم بالروح فقط؟.
وقد لخص بعض المفسرين أقوال العلماء في هذه المسألة فقال: اعلم أن هذا الإسراء به صلّى الله عليه وسلم المذكور في هذه الآية الكريمة زعم بعض أهل العلم أنه بروحه دون جسده، زاعما أنه في المنام لا في اليقظة، لأن رؤيا الأنبياء وحى.
وزعم بعضهم أن الإسراء بالجسد، والمعراج بالروح دون الجسد.
ولكن ظاهر القرآن يدل على أنه بروحه وجسده صلّى الله عليه وسلم يقظة لا مناما، لأنه قال:
بِعَبْدِهِ والعبد مجموع الروح والجسد.
ولأنه قال: سُبْحانَ والتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام، فلو كان مناما لم يكن له كبير شأن حتى يتعجب منه.
ولأنه لو كان رؤيا منام لما كان فتنة، ولا سببا لتكذيب قريش له صلّى الله عليه وسلم لأن رؤيا المنام ليست محل إنكار لأن المنام قد يرى فيه ما لا يصح.
ولأنه- سبحانه- قال لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا والظاهر أن ما أراه الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلم إنما كان رؤيا عن طريق العين ويؤيده قوله- تعالى-: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى. لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ولأنه ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الرسول صلّى الله عليه وسلم قد استعمل في رحلته البراق، واستعماله البراق يدل على أن هذا الحادث كان بالروح والجسد وفي اليقظة لا في المنام.
وما ثبت في الصحيحين عن طريق شريك عن أنس- رضى الله عنه- أن الإسراء المذكور وقع مناما، لا ينافي ما ذكرنا مما عليه أهل السنة والجماعة، ودلت عليه نصوص الكتاب والسنة من أنه كان يقظة وبالروح والجسد، لإمكان أنه صلّى الله عليه وسلم رأى الإسراء المذكور مناما، ثم جاءت تلك الرؤيا كفلق الصبح، فأسرى به يقظة تصديقا لتلك الرؤيا المنامية «١» .
(١) تفسير أضواء البيان ج ٣ ص ٣٤٨ لفضيلة المرحوم الشيخ محمد الأمين الشنقيطى.