للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعذب أحدا من خلقه، حتى يبعث إليه رسولا يبشره وينذره، فيعصى ذلك الرسول، ويستمر في كفره وضلاله بعد التبشير والإنذار.

ومن هذه الآيات قوله- تعالى-: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ، وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً «١» .

وقوله- تعالى-: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ، لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى «٢» .

وقوله- تعالى-: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ، فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ.. «٣» .

قال ابن كثير عند تفسيره لقوله- تعالى-: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا:

هذا إخبار عن عدله- تعالى- وأنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه، بإرسال الرسول إليه، كما قال- تعالى-: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ، قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ...

إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن الله- تعالى- لا يدخل أحدا النار إلا بعد إرسال الرسول إليه.. «٤» .

هذا، وما ذهب إليه الإمام ابن كثير، والإمام الآلوسى، من أن الله- تعالى- اقتضت رحمته وعدالته، أنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه، عن طريق إرسال الرسل، هو الذي نعتقده، وتطمئن إليه نفوسنا، لأنه هو الظاهر من معاني الآيات الكريمة، ولأنه هو المناسب لرحمة الله- تعالى- التي وسعت كل شيء.

وهناك من يرى أن من مات على الكفر فهو في النار، ولو لم يرسل الله- تعالى- إليه رسولا، واستدلوا بأدلة لا مجال لذكرها هنا «٥» .

ثم ساق- سبحانه- سنة من سننه في إهلاك الأمم، وفي حال الذين يريدون العاجلة، وحال الذين يريدون الآجلة، فقال- تعالى-:


(١) سورة النساء الآية ١٦٥.
(٢) سورة طه الآية ١٣٤.
(٣) سورة المائدة الآية ١٩.
(٤) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ٥٠.
(٥) راجع تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ٣٧ وتفسير أضواء البيان ج ٣ ص ٤٢٩ للشيخ الشنقيطى.

<<  <  ج: ص:  >  >>