للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء الأمر بالإحسان إلى الوالدين عقب الأمر بوجوب إخلاص العبادة لله، في آيات كثيرة. منها قوله- تعالى-: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.. «١» .

وقوله- تعالى-: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.. «٢» .

ولعل السر في ذلك هو الإشعار للمخاطبين بأهمية هذا الأمر المقتضى لوجوب الإحسان إلى الوالدين، حيث إنهما هما السبب المباشر لوجود الإنسان في هذه الحياة، وهما اللذان لقيا ما لقيا من متاعب من أجل راحة أولادهما، فيجب أن يقابل ما فعلاه بالشكر والاعتراف بالجميل.

قال بعض العلماء: وقد جاءت هذه الوصية بأسلوب الأمر بالواجب المطلوب، وهو الإحسان إلى الوالدين، ولم تذكر بأسلوب النهى سموا بالإنسان عن أن تظن به الإساءة إلى الوالدين، وكأن الإساءة إليهما، ليس من شأنها أن تقع منه حتى يحتاج إلى النهى عنها.. «٣» .

ثم فصل- سبحانه- مظاهر هذا الإحسان فقال: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ، وَلا تَنْهَرْهُما، وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً ...

وإِمَّا حرف مركب من «إن» الشرطية، ومن «ما» المزيدة عليها للتأكيد، وقوله: أَحَدُهُما فاعل يبلغن. وقرأ حمزة والكسائي إما يبلغان فيكون قوله أَحَدُهُما بدل من ألف الاثنين في يبلغان.

وقوله فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ جواب الشرط.

قال الآلوسى: وأُفٍّ اسم صوت ينبئ عن التضجر، أو اسم فعل مضارع هو أتضجر..

وفيه نحو من أربعين لغة. والوارد من ذلك في القراءات سبع ثلاث متواترة، وأربعة شاذة.

فقرأ نافع وحفص بالكسر والتنوين، وهو للتنكير: فالمعنى: فلا تقل أتضجر تضجرا ما.


(١) سورة الأنعام الآية ١٥١.
(٢) سورة البقرة الآية ٨٣. [.....]
(٣) تفسير القرآن الكريم ص ٤٣٤ لفضيلة الأمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت- رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>