للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحِينَ الْبَأْسِ، أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «١» .

وبعد أن أمر- سبحانه- بالوفاء بصفة عامة، أتبع ذلك بالوفاء في شئون البيع والشراء، فقال- تعالى-: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ، وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ، ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا.

والقسطاس: الميزان الذي يوزن به في حالتي البيع والشراء.

قال صاحب الكشاف: قرئ «بالقسطاس» بكسر القاف وضمها.. قيل: كل ميزان صغر أو كبر من موازين الدراهم وغيرها «٢» .

وقال الآلوسى ما ملخصه: وهذا اللفظ رومي معرب.. وقيل: عربي.. وعلى القول بأنه رومي معرب- وهو الصحيح- لا يقدح استعماله في القرآن في عربيته المذكورة في قوله- تعالى-: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لأنه بعد التعريب والسماع في فصيح الكلام، يصير عربيا، فلا حاجة إلى إنكار تعريبه.. «٣» .

وقوله: تَأْوِيلًا من الأول- بفتح الهمزة وسكون الواو- بمعنى الرجوع. يقال: آل هذا الأمر إلى كذا، إذا رجع إليه.

والمعنى: وأتموا أيها المؤمنون الكيل إذا كلتم لغيركم عند بيعكم لهم ما تريدون بيعه، وزنوا لهم كذلك بالميزان المستقيم العادل ما تريدون وزنه لهم.

وقيد- سبحانه- الأمر بوجوب إتمام الكيل والميزان في حالة البيع، لأنها الحالة التي يكون فيها التطفيف في العادة، إذ أن البائع هو الذي غالبا ما يطفف للمشتري في المكيال والميزان ولا يعطيه حقه كاملا.

قال- تعالى-: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ.

أى: ذلك الذي أمرناكم به. من وجوب إتمام المكيال والميزان عند التعامل، خير لكم في الدنيا، لأنه يرغب الناس في التعامل معكم، أما في الآخرة فهو أحسن عاقبة ومآلا، لما يترتب عليه من الثواب الجزيل لكم من الله- عز وجل-.

ثم ختم- سبحانه- تلك التوجيهات السامية السديدة، بالنهى عن تتبع مالا علم للإنسان به، وعن الفخر والتكبر والخيلاء.. فقال- تعالى-:


(١) سورة البقرة الآية ١٧٧.
(٢) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٤٤٨. [.....]
(٣) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>