للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا البحث عن حقيقته، فضلا عن أممهم المقتدين بهم ... » «١» .

ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر قدرته، بعد أن بين أن الروح من أمره، فقال- تعالى-: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا.

واللام في قوله وَلَئِنْ شِئْنا ... موطئة لقسم محذوف، جوابه لَنَذْهَبَنَّ.

أى: والله لئن شئنا لنذهبن بهذا القرآن الذي أوحيناه إليك- أيها الرسول الكريم-، بحيث نزيله عن صدرك، ومن صدور أتباعك، ونمحوه من الصحف حتى لا يبقى له أثر إذ أن قدرتنا لا يعجزها، ولا يحول دون تنفيذ ما نريده حائل..

ثم لا تجد لك بعد ذلك من يكون وكيلا عنا في رد القرآن إليك بعد ذهابه ومحوه، ومن يتعهد بإعادته بعد رفعه وإزالته.

قال الآلوسى: وعبر عن القرآن بالموصول في قوله بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، تفخيما لشأنه، ووصفا له بما في حيز الصلة ابتداء، إعلاما بحاله من أول الأمر، وبأنه ليس من قبيل كلام المخلوق ... » «٢» .

وقوله: إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ استثناء واستدراك على قوله: لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ...

أى: والله إن شئنا إذهاب القرآن من صدرك لأذهبناه، دون أن تجد أحدا يرده عليك، لكننا لم نشأ ذلك بل أبقيناه في صدرك رحمة من ربك.

قال الجمل: وفي هذا الاستثناء قولان: أحدهما: أنه استثناء متصل: لأن الرحمة تندرج في قوله وَكِيلًا.

أى: إلا رحمة منا فإنها إن نالتك فلعلها تسترده عليك والثاني: أنه منقطع، فيتقدر بلكن أو ببل، ومِنْ رَبِّكَ يجوز أن يتعلق بمحذوف صفة لرحمة- أى لكن رحمة ربك تركته غير مذهوب به «٣» .

وقوله إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً بيان لما امتن الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم.

أى: إن فضله كان عليك كبيرا، حيث أنزل القرآن عليك، وأبقاه في صدرك دون أن


(١) تفسير فتح البيان للشيخ صديق حسن خان ج ٥ ص ٤٠١.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٦٤.
(٣) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٦٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>