للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قوله- تعالى- كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ. وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ. كِتابٌ مَرْقُومٌ «١» . أى مكتوب.

قال بعض العلماء: والظاهر أن أصحاب الكهف والرقيم: طائفة واحدة أضيفت إلى شيئين: أحدهما: معطوف على الآخر، خلافا لمن قال أن أصحاب الكهف طائفة، وأصحاب الرقيم طائفة أخرى، وأن الله قص على نبيه في هذه السورة الكريمة قصة أصحاب الكهف، ولم يذكر له شيئا عن أصحاب الرقيم. وخلافا لمن زعم أن أصحاب الكهف هم الثلاثة الذين سقطت عليهم صخرة فسدّت عليهم باب الكهف فدعوا الله بصالح أعمالهم فانفرجت، وهم البار بوالديه، والعفيف، والمستأجر، وقصتهم مشهورة ثابتة في الصحيح، إلا أن تفسير الآية بأنهم هم المراد بعيد كما ترى» «٢» .

والمعنى: أظننت- أيها الرسول الكريم- أن ما قصصناه عليك من شأن هؤلاء الفتية، كان من بين آياتنا الدالة على قدرتنا شيئا عجبا؟ لا، لا تظن ذلك فإن قدرتنا لا يعجزها شيء.

ثم حكى- سبحانه- ما قالوه عند ما حطوا رحالهم في الكهف فقال: إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا: رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً. وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً.

و «إذ» هنا ظرف منصوب بفعل تقديره: اذكر.

و «أوى» فعل ماض- من باب ضرب- تقول: أوى فلان إلى مسكنه يأوى، إذا نزله بنفسه. واستقر فيه.

و «الفتية» : جمع قلة لفتى. وهو وصف للإنسان عند ما يكون في مطلع شبابه.

وقوله: وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا: من التهيئة بمعنى: تيسير الأمر وتقريبه وتسهيله حتى لا يخالطه عسر أو مشقة.

والمراد بالأمر هنا: ما كانوا عليه من تركهم لأهليهم ومساكنهم، ومن مفارقتهم لما كان عليه أعداؤهم من عقائد فاسدة.


(١) سورة المطففين الآيات ١٨- ٢٠.
(٢) تفسير أضواء البيان ج ٤ ص ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>