للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الآلوسى: قوله: وَتَرَى الشَّمْسَ.. بيان لحالهم بعد ما أووا إلى الكهف..

والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ممن يصلح، وهو للمبالغة في الظهور، وليس المراد الإخبار بوقوع الرؤية، بل المراد الإخبار بكون الكهف لو رأيته ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين ... » «١» .

وقوله تَتَزاوَرُ من الزور بمعنى الميل. ومنه قولهم: زار فلان صديقه، أى: مال إليه.

ومنه شهادة الزور، لأنها ميل عن الحق إلى الباطل. ويقال: فلان أزور، إذا كان مائل الصدر، ويقال: تزاور فلان عن الشيء، إذا انحرف عنه.

وفي هذا اللفظ ثلاث قراءات سبعية. فقد قرأ ابن عامر «تزور» بزنة تحمر. وقرأ الكوفيون- عاصم وحمزة والكسائي- «تزاور» بفتح الزاى- وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو «تزّاور» بتشديد الزاى-. وأصله تتزاور فحذفت إحدى التاءين تخفيفا.

ومعنى: «تقرضهم» تقطعهم وتتجاوزهم وتتركهم، من القرض بمعنى القطع والصرم، يقال: قرض المكان، أى: عدل عنه وتركه.

والمعنى: إنك- أيها المخاطب- لو رأيت أهل الكهف، لرأيتهم على هذه الصورة، وهي أن الشمس إذا طلعت من مشرقها، مالت عن كهفهم جهة اليمين، وإذا غربت، تراها عند غروبها، تميل عنهم كذلك، فهي في الحالتين لا تصل إليهم، حماية من الله- تعالى- لهم، حتى لا تؤذيهم بحرها، بأن تغير ألوانهم، وتبلى ثيابهم.

وقوله: وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ جملة حالية. أى: والحال أنهم في مكان متسع من الكهف وهو وسطه، والفجوة: هي المكان المتسع، مأخوذة من الفجا، وهو تباعد ما بين الفخذين، ومنه قولهم: رجل أفجى، وامرأة فجواء.

وللمفسرين في تأويل هذه الآية اتجاهان لخصهما الإمام الرازي فقال: للمفسرين هنا قولان: أولهما: أن باب ذلك الكهف كان مفتوحا إلى جانب الشمال، فإذا طلعت الشمس


(١) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ٢٢١- بتصريف يسير. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>