وقوله- تعالى-: فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً تفسير للمتنازع فيه، وبيان لما قاله بعض الذين اطلعوا على أمر الفتية.
أى اختلف الذين عثروا على الفتية فقال بعضهم: ابنوا على باب كهفهم بنيانا. حتى لا يصل الناس إليهم، وحتى نصونهم من الأذى.
وقوله- تعالى-: رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ يحتمل أنه حكاية لكلام طائفة من المتنازعين في شأن أصحاب الكهف، وقد قالوه ليقطعوا النزاع في شأنهم، وليفوضوا أمرهم إلى الله- تعالى-.
ويحتمل أن يكون من كلام الله- تعالى- ردا للخائضين في شأنهم.
أى: اتركوا أيها المتنازعون ما أنتم فيه من تنازع، فإنى أعلم منكم بحال أصحاب الكهف.
أى: أن الذين أعثرهم الله على أصحاب الكهف قال بعضهم: ابنوا على هؤلاء الفتية بنيانا يسترهم.. وقال الذين غلبوا على أمرهم، وهم أصحاب الكلمة النافذة، والرأى المطاع، لنتخذن على هؤلاء الفتية مسجدا، أى: معبدا تبركا بهم.
قال الآلوسى: واستدل بالآية على جواز البناء على قبور الصلحاء، واتخاذ مسجد عليها، وجواز الصلاة في ذلك وممن ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي. وهو قول باطل عاطل، فاسد كاسد. فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» .
وزاد مسلم:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فإنى أنهاكم عن ذلك» .
وروى الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد..»«١» .