للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفخ لغة: إخراج النفس من الفم لإحداث صوت معين. والصور: القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل- عليه السلام- نفخة الصعق والموت، ونفخة البعث والنشور، كما قال- تعالى-: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ «١» .

والمعنى: وتركنا يأجوج ومأجوج يموج بعضهم في بعض. وأمرنا إسرافيل بالنفخ في الصور، فجمعناهم وجميع الخلائق جمعا تاما، دون أن نترك أحدا من الخلائق بدون إعادة إلى الحياة، بل الكل مجموعون ليوم عظيم هو يوم البعث والحساب.

والمراد بالنفخ هنا: النفخة الثانية التي يقوم الناس بعدها من قبورهم للحساب، كما أشارت إلى ذلك آية سورة الزمر السابقة.

وفي التعبير بقوله: فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً. أى: جمعناهم جمعا تاما كاملا لا يشذ عنه أحد، ولا يفلت منه مخلوق، كما قال- سبحانه-: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ. إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ.

هذا، وهنا مسألة تكلم عنها العلماء، وهي وقت خروج يأجوج ومأجوج.

فمنهم من يرى أنه لا مانع من أن يكونوا قد خرجوا، بدليل ما جاء في الحديث الصحيح من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من سد يأجوج ومأجوج مثل هذا، وحلق أى بين أصابعه.

ولأن الآيات الكريمة تقول: فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ.. ووعد الله لا مانع من أن يكون قد أتى.

قال الشيخ القاسمى: والغالب أن المراد بخروجهم هذا خروج المغول التتار. وهم من نسل يأجوج ومأجوج- وهو الغزو الذي حصل منهم للأمم في القرن السابع الهجري. وناهيك بما فعلوه إذ ذاك في الأرض من فساد..» «٢» .

وقال الشيخ المراغي عند تفسير قوله- تعالى-: وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وقد جاء وعده- تعالى- بخروج جنكيزخان وسلائله فعاثوا في الأرض فسادا.. وأزالوا معالم الخلافة من بغداد.. «٣» .


(١) سورة الزمر الآية ٦٨.
(٢) تفسير القاسمى ج ١١ ص ١٤١٤.
(٣) تفسير المراغي ج ١٦ ص ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>