للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرشد: الاهتداء إلى الخير وحسن التصرف في الأمر من دين أو دنيا يقال: رشد ورشد يرشد ويرشد رشدا، أى اهتدى.

والمعنى: لقد وعدتكم يا عبادي بأن أجيب دعاءكم إذا دعوتموني، وعليكم أنتم أن تستجيبوا لأمري، وأن تقفوا عند حدودي، وأن تثبتوا على إيمانكم بي، لعلكم بذلك تصلون إلى ما فيه رشدكم وسعادتكم في الحياتين العاجلة والآجلة. وأمرهم- سبحانه- بالإيمان بعد الأمر بالاستجابة، لأنه أول مراتب الدعوة، وأولى الطاعات بالاستجابة.

قال الحافظ ابن كثير: وفي ذكره- تعالى- هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة بل وعند كل فطر، كما روى أبو داود الطيالسي في مسنده عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر جمع أهله وولده ودعا. وروى ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد» وكان عبد الله يقول إذا أفطر: اللهم إنى أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي» وروى الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة لا ترد دعوتهم:

الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم، يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة وتفتح لها أبواب السماء ويقول: بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين» «١» .

هذا والحديث عن الدعاء وعن فضله وعن آدابه وشروطه وفوائده وجوامعه وغير ذلك مما يتعلق به قد بسطناه في غير هذا المكان فليرجع إليه من شاء «٢» .

وبعد هذا الحديث المؤثر عن الدعاء، عاد القرآن إلى الحديث عن أحكام الصيام، وعن مظاهر رحمة الله بعباده فيما شرع لهم فقال- تعالى-:


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢١٩.
(٢) راجع كتاب (الدعاء) للمؤلف طبع مجمع البحوث: الكتاب السادس والخمسون. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>