ونص الفراء على أن هذا اللفظ عربي ومعناه البستان الذي فيه كرم.
وقال المبرد: هي- أى كلمة الفردوس- فيما سمعت من العرب: الشجر الملتف والأغلب عليه العنب.
وأخرج الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سألتم الله- تعالى- فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن. ومنه تفجر أنهار الجنة «١» .
والمعنى: إن الذين آمنوا بالله- تعالى- وبكل ما يجب الإيمان به، وعملوا الأعمال الصالحات بإخلاص واتباع لما جاء به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كانت لهم عند الله- تعالى- جنات الفردوس، التي هي أفضل الجنات وأرفعها درجة نُزُلًا أى: هدية تقدم لهم منه يوم القيامة، ومكانا ينزلون به تكريما وتشريفا لهم.
خالِدِينَ فِيها خلودا أبديا، حالة كونهم لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا أى: لا يطلبون تحولا أو انتقالا منها إلى مكان آخر، لكونها أطيب المنازل وأعلاها.
وفي قوله- تعالى-: لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا لفتة دقيقة عميقة للإجابة على ما يعترى النفس البشرية من حب للانتقال والتحول من مكان إلى مكان، ومن حال إلى حال.
فكأنه- سبحانه- يقول: إن ما جبلت عليه النفوس في الدنيا من حب للتحول والتنقل. قد زال وانتهى بحلولها في الآخرة في الجنة، فالنفس الإنسانية عند ما تستقر في الجنة- ولا سيما جنة الفردوس- لا تريد تحولا أو انتقالا عنها، لأنها المكان الذي لا تشتاق النفوس إلى سواه، لأنها تجد فيه ما تشتهيه وما تبتغيه، نسأل الله- تعالى- أن يرزقنا جميعا جنات الفردوس.
وكما افتتح- سبحانه- السورة الكريمة بالثناء على ذاته، ختمها- أيضا- بالثناء والحمد، فقد أثبت- عز وجل- أن علمه شامل لكل شيء. وأن قدرته نافذة على كل شيء، وأنه- تعالى- هو المستحق للعبادة والطاعة، فقال: