لها من اللذات توهما أن من قبلكم كان كذلك فيكون بمعنى التخون أى: النقص من الشيء أو معناه: تخونون أنفسكم إذ تعتقدون شيئا ثم لا تلتزمون العمل به فهو مبالغة من الخيانة التي هي مخالفة مقتضى الأدلة ولم يقل تختانون الله كما قال في آية أخرى «لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم» للإشعار بأن الله- تعالى- لم يحرم عليهم بعد النوم في الليل ما حرمه على الصائم في النهار، وإنما ذهب بهم اجتهادهم إلى ذلك فهم قد خانوا أنفسهم في اعتقادها، فكانوا كمن يتغشى امرأته ظانا أنها أجنبية، فعصيانه بحسب اجتهاده لا بحسب الواقع، فهم على أية حال كانوا عاصين بما فعلوا محتاجين إلى التوبة والعفو ولذلك قال فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ «١» .
وقوله- تعالى-: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ الأمر فيه للإباحة وهو مرتب على قوله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ.
ولفظ فَالْآنَ يطلق حقيقة على الوقت الذي أنت فيه، وقد يقع على الماضي القريب منك وعلى المستقبل القريب الوقوع تنزيلا له منزلة الحاضر وهو المراد هنا.
وبَاشِرُوهُنَّ من المباشرة وأصلها اتصال البشرة بالبشرة، وكنى بها القرآن عن الجماع الذي يستلزمها.
وقوله- تعالى-: وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ تأكيد لما قبله. والابتغاء الطلب والمعنى:
لقد أبحنا لكم الإفضاء إلى نسائكم في ليالي رمضان بعد أن كان محرما عليكم فضلا منا ورحمة بكم فالآن باشروهن واطلبوا من وراء هذه المباشرة ما كتبه لكم الله من الذرية الصالحة ومن التعفف عن إتيان الحرام.
وفي هذا إشعار بأن النكاح شرع ليبتغى به النسل حتى يتحقق ما يريده الله- تعالى- من بقاء النوع الإنسانى، ومن صيانة المرء نفسه عن الوقوع في فاحشة الزنا.