ممهدة على جانبي النيل الممتد امتدادا كبيرا.
وكان الأجدر بفرعون- لو كان يعقل- أن يخلص العبادة لواهب هذه المنن، ومسدي هذه النعم، وهو الله رب العالمين.
والأمر في قوله- سبحانه-: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ للإباحة.
أى: هذه الأرض وما اشتملت عليه من طرق ومن نبات شتى هي لمنفعتكم ومصلحتكم، فكلوا- أيها الناس- من هذه الثمار المتنوعة التي انشقت عنها الأرض، وارعوا أنعامكم من إبل وبقر وغنم في المكان الصالح للرعي من هذه الأرض، واشكروا الله- تعالى- على هذه النعم لكي يزيدكم منها.
واسم الإشارة في قوله إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى يعود إلى المذكور من تلك النعم السابقة.
والنُّهى جمع نهية- بضم النون وإسكان الهاء- وهي العقل. سمى بذلك لأنه ينهى صاحبه عما لا يليق. تقول العرب: نهو الرجل- ككرم- إذا كملت نهيته، أى عقله.
والمعنى: إن في ذلك الذي ذكرناه لكم من نعمة تمهيد الأرض، وجعل الطرق فيها: وإنزال المطر عليها، وإخراج النبات منها.. إن في كل ذلك لآيات وعظات وعبر، لأصحاب العقول السليمة، والأفكار القويمة.
ثم بين- سبحانه- أن هذه الأرض منها خلق الإنسان، وإليها يعود، ومنها يبعث للحساب يوم القيامة، فقال- تعالى-: مِنْها خَلَقْناكُمْ، وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى.
والضمير في «منها، وفيها» يعود إلى الأرض المذكورة قبل ذلك في قوله- تعالى-:
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً.. والتارة: بمعنى المرة.
أى: من هذه الأرض خلقنا أباكم آدم، وأنتم تبع له، وفرع عنه، كما قال- تعالى-:
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
وقوله: وَفِيها نُعِيدُكُمْ أى: وفي الأرض نعيدكم عند موتكم، حيث تكون محل دفنكم واستقرار أجسادكم.
وقوله: وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى أى: ومن الأرض نخرجكم مرة أخرى أحياء يوم القيامة، للحساب والجزاء.
قال- تعالى-: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ