فرس الرسول وهو جبريل- عليه السلام- فألقيت هذه الحفنة في الحلي المذاب، فصار عجلا جسدا له خوار.
وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي أى: ومثل هذا الفعل سولته لي نفسي، أى زينته وحسنته لي نفسي، لأجعل بنى إسرائيل يتركون عبادة إلهك يا موسى، ويعبدون العجل الذي صنعته لهم.
وعلى هذا التفسير الذي سار عليه كثير من المفسرين، يكون المراد بالرسول: جبريل- عليه السلام- ويكون المراد بأثره: التراب الذي أخذه من موضع حافر فرسه.
هذا، وقد نقل الفخر الرازي عن أبى مسلم الأصفهاني رأيا آخر في تفسير الآية فقال ما ملخصه: ليس في القرآن ما يدل على ما ذكره المفسرون، فهنا وجه آخر، وهو أن يكون المراد بالرسول: موسى- عليه السلام- وبأثره: سنته ورسمه الذي أمر به، فقد يقول الرجل: فلان يقص أثر فلان ويقتص أثره إذا كان يمتثل رسمه، والتقدير: أن موسى لما أقبل على السامري بالتوبيخ وبسؤاله عن الأمر الذي دعاه إلى إضلال القوم بعبادة العجل، رد عليه بقوله: بصرت بما لم يبصروا به، أى: عرفت أن الذي أنتم عليه ليس بحق، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أيها الرسول، أى: أخذت شيئا من علمك ودينك فنبذته، أى:
طرحته.. «١» .
وعلى هذا التفسير الذي ذهب إليه أبو مسلم يكون المراد بالرسول: موسى- عليه السلام- ويكون المراد بأثره: دينه وسنته وعلمه.
ويكون المعنى الإجمالى للآية: أن السامري قال لموسى- عليه السلام- كنت قد أخذت جانبا من دينك وعلمك، ثم تبين لي أنك على ضلال فنبذت ما أخذته عنك وسولت لي نفسي أن أصنع للناس عجلا لكي يعبدوه لأن عبادته أراها هي الحق.
وقد رجح الإمام الرازي في تفسيره ما ذهب إليه أبو مسلم فقال: واعلم أن هذا القول الذي قاله أبو مسلم ليس فيه إلا مخالفة للمفسرين، ولكنه أقرب إلى التحقيق لوجوه.
١- أن جبريل ليس مشهورا باسم الرسول، ولم يجر له فيما تقدم ذكر حتى تجعل لام التعريف إشارة إليه.
٢- أنه لا بد فيه من الإضمار، وهو قبضته من أثر حافر فرس الرسول، والإضمار خلاف الأصل.