وقوله- سبحانه-: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ ... معطوف على قوله: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ.. والكاف للتشبيه، واسم الإشارة يعود على إنزال ما سبق من آيات.
أى: ومثل ما أنزلنا الآيات السابقة المشتملة على الآداب والأحكام والقصص، أنزلنا عليك يا محمد القران كله، فما نزل منه متأخرا يشبه في هدايته وإعجازه ما نزل منه متقدما.
وقد اقتضت حكمتنا أن نجعله قُرْآناً عَرَبِيًّا أى: بلغة العرب، لكي يفهموه ويقعوا على ما فيه من هدايات وإرشادات وإعجاز للبشر.
وقوله: وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ معطوف على أَنْزَلْناهُ أى: أنزلناه قرآنا عربيا وكررنا ونوعنا فيه ألوانا من الوعيد على سبيل التخويف والتهديد.
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أى: لعل الناس يتقون- بسبب ذلك- الوقوع في الكفر والفسوق والعصيان، ويجتنبون الآثام والسيئات، ويصونون أنفسهم عن الموبقات فمعمول يَتَّقُونَ محذوف.
وقوله- سبحانه-: أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً بيان لحكمة أخرى من الحكم التي من أجلها أنزل الله القرآن الكريم.
أى: أنزلناه بهذه الصفة، وجعلناه مشتملا على ضروب من الوعيد، لعل قومك- أيها الرسول الكريم- يتقون الكفر والمعاصي، أو لعل القرآن يحدث في نفوسهم ذِكْراً.
أى: اتعاظا واعتبارا يصرفهم عن التردي فيما تردت فيه الأمم السابقة من آثام وموبقات أدت إلى هلاكها.
وقال- سبحانه-: أَنْزَلْناهُ بالإضمار مع أن القرآن لم يسبق له ذكر في الآيات السابقة، للإيذان بنباهة شأنه، وعلو قدره، وكونه مركوزا في العقول، حاضرا في الأذهان والقلوب.
ثم أثنى- سبحانه- على ذاته بما يستحقه من صفات كريمة فقال: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ.