للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاجتباء: الاصطفاء والاختيار، أى: ثم بعد أن أكل آدم من الشجرة، وندم على ما فعل هو وزوجه، اجتباه ربه أى: اصطفاه وقربه واختاره فَتابَ عَلَيْهِ أى: قبل توبته وَهَدى أى: وهداه إلى الثبات عليها، وإلى المداومة على طاعة الله- تعالى- فقد اعترف هو وزوجه بخطئهما، كما في قوله- تعالى-: قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ «١» .

وقد أوحى الله- تعالى- إليه بكلمات كانت السبب في قبول توبته، كما قال- سبحانه-: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ «٢» .

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات ببيان ما آل إليه أمر آدم فقال- تعالى- قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً....

أى: انزلا من الجنة إلى الأرض مجتمعين، فألف الاثنين هنا تعود إلى آدم وحواء.

أما الآيات الأخرى التي جاءت بضمير الجمع، والتي منها قوله- تعالى-: قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ... «٣» .

فالضمير فيها يعود إلى آدم وزوجته وذريتهما.

وقوله: بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ أى: بعض ذريتكما لبعض عدو، بسبب التخاصم والتنازع والتدافع على حطام هذه الدنيا.

فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً يا بنى آدم عن طريق إرسال الرسل وإنزال الكتب فعليكم أن تتبعوا رسلي، وتعملوا بما اشتملت عليه كتبي.

فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ بأن آمن برسلي وصدق بكتبي.

فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى لا في الدنيا ولا في الآخرة، بسبب استمساكه بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.

وشبيه هذه الآية قوله- تعالى-: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً، فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً، فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «٤» .

وبعد أن بين- سبحانه- حسن عاقبة من اتبع هداه، أتبع ذلك ببيان سوء عاقبة من أعرض عن ذكره وطاعته فقال- تعالى-:


(١) سورة الأعراف الآية ٢٣.
(٢) سورة البقرة الآية ٣٧.
(٣) سورة الأعراف الآية ٢٤.
(٤) سورة البقرة الآية ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>