للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرواسي: جمع راسية، من رسا الشيء إذا ثبت ورسخ، والمراد بها الجبال الثابتة الراسخة في الأرض.

أى: وجعلنا في الأرض جبالا ثوابت، كراهة أن تَمِيدَ بِهِمْ أى: أن تضطرب وتتحرك بهم الأرض. يقال: ماد الشيء يميد ميدا- من باب باع إذا تحرك واهتز.

وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ، والفجاج. جمع فج وهو الطريق الواسع.

والسبل: جمع سبيل وهو الطريق. وهو بدل من فِجاجاً.

أى: وجعلنا في الأرض طرقا واسعة، ومنافذ متعددة، لعلهم بذلك يهتدون ويتوصلون إلى الأماكن التي يريدون الوصول إليها. ويعلمون أن الذي وهبهم كل هذه النعم، هو الله- تعالى- الذي يجب أن يخلصوا له العبادة والطاعة.

وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ أى: وجعلنا السماء سقفا للأرض كما يكون السقف للبيت، وجعلناه محفوظا من السقوط ومن التشقق، ومن كل شيطان رجيم. وهم- أى المشركون- عن آياتها الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا وعلمنا. معرضون ذاهلون، لا يتعظون ولا يتذكرون.

ومن الآيات الدالة على حفظ السماء من السقوط، قوله- تعالى-: ... وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «١» .

ومن الآيات الدالة على حفظها من التشقق والتفطر قوله- سبحانه-: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ. «٢» .

وعلى حفظها من الشياطين قوله- تعالى-: وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ «٣» .

ومن الآيات الدالة على إعراض هؤلاء المشركين عن العبر والعظات قوله- سبحانه-:

وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ «٤» .

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الدالة على قدرته ووحدانيته بقوله- تعالى- وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ.

أى: وهو وحده- سبحانه- الذي خلق بقدرته الليل والنهار بهذا النظام البديع، وخلق الشمس والقمر بهذا الإحكام العجيب «كل» أى: كل واحد من الشمس والقمر يسير في فلكه وطريقه المقدر له بسرعة وانتظام، كالسابح في الماء.


(١) سورة الحج الآية ٦٥.
(٢) سورة ق الآية ٦.
(٣) سورة الحجر الآية ١٧. [.....]
(٤) سورة يوسف الآية ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>