للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام العرب. فهم يقولون: حجر أخلق أى: أملس مصمت لا يؤثر فيه شيء، وصخرة خلقاء، أى: ليس بها تشويه أو كسر.

وقوله- تعالى-: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ متعلق بقوله: خَلَقْناكُمْ أى: خلقناكم على هذا النحو العجيب، وفي تلك الأطوار البديعة. لنبين لكم كمال قدرتنا، وبليغ حكمتنا. وأننا لا يعجزنا إعادة كل حي إلى الحياة بعد موته.

وحذف مفعول «نبين» للإشعار بأن أفعاله- تعالى- الدالة على كمال قدرته، لا يحيط بها وصف، ولا تمدها عبارة..

أى: لنبين لكم عن طريق المشاهدة، ما يدل على كمال قدرتنا دلالة يعجز الوصف عن الإحاطة بها.

وقوله- تعالى-: وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى كلام مستأنف مسوق لبيان أحوال الناس بعد تمام خلقهم، وتوارد تلك الأطوار عليهم.

أى: ونقر ونثبت في أرحام الأمهات ما نشاء إقراره وثبوته فيها من الأجنة والأحمال، إلى أجل معلوم عندنا. وهو الوقت المحدد للولادة والوضع، وما لم نشأ إقراره من الحمل لفظته الأرحام وأسقطته، إذ كل شيء بمشيئتنا وإرادتنا.

وقوله- تعالى-: ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا بيان للطور الخامس من أطوار خلق الإنسان.

أى: ثم نخرجكم من أرحام أمهاتكم بعد استقراركم فيها إلى الوقت الذي حددناه، طفلا صغيرا. أى: أطفالا صغارا، وإنما جاء مفردا باعتبار إرادة الجنس الشامل للواحد والمتعدد، أو باعتبار كل واحد منهم، وهو حال من ضمير المخاطبين.

ومن الأساليب العربية المعهودة، أن الاسم المفرد إذا كان اسم جنس. يكثر إطلاقه على الجمع، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً أى: أئمة. وقوله- سبحانه- فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً.. أى: أنفسا، ومن هذا القبيل قول الشاعر:

وكان بنو فزارة شرّ عمّ ... فكنت لهم كشر بنى الأخينا

أى: شر أعمام.

وقوله- تعالى- ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ بيان للطور السادس، والأشد: قوة الإنسان وشدته واشتعال حرارته، من الشدة بمعنى الارتفاع والقوة، يقال: شد النهار إذا ارتفع، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>