للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمنسك- بفتح السين وكسرها- مأخوذ من النسك بمعنى العبادة، فيجوز أن يراد به النسك نفسه، ويجوز أن يراد به مكانه أو زمانه.

ويبدو أن المراد به هنا عبادة خاصة وهي الذبح تقربا إلى الله- تعالى-.

قال الآلوسى: والمنسك موضع النسك إذا كان اسم مكان، أو النسك إذا كان مصدرا.

وفسره مجاهد هنا بالذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه- تعالى- فجعله مصدرا، وحمل النسك على عبادة خاصة، وهو أحد استعمالاته وإن كان في الأصل بمعنى العبادة مطلقا، وشاع في أعمال الحج.. «١» .

وجملة وَلِكُلِّ أُمَّةٍ ... معطوفة على قوله- تعالى- قبل ذلك: لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى.

والمعنى: جعلنا لكم- أيها المؤمنون- منافع كثيرة في هذه الأنعام الى وقت معين، ثم تكون نهايتها وذبحها عند البيت الحرام، كما جعلنا وشرعنا لمن قبلكم من الأمم شعيرة الذبح ليتقربوا بها إلينا، وأرشدناهم إلى المكان الذي يذبحون فيه، وإلى أفضل الطرق التي تجعل، ذبائحهم مقبولة عندنا.

وفي هذه الجملة الكريمة وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً، تحريك لنفوسهم نحو الإقدام على إراقة الدم تقربا إلى الله، لأن هذه الذبائح ليست من شعائر هذه الأمة وحدها، وإنما هي من شعائرها ومن شعائر الأمم التي سبقتها.


(١) تفسير الآلوسى ج ١٧ ص ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>