للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ... معطوف على فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ ... لأن فَمَنْ تَمَتَّعَ مع جوابه وهو فَمَا اسْتَيْسَرَ ... مقدر فيه معنى فمن تمتع واجدا الهدى، فعطف عليه فمن لم يجد أى الهدى.

وقد جعل- سبحانه- الصيام بدلا عن الهدى زيادة في الرخصة والرحمة وزيادة في الرفق والتيسير فقد جعله على مرحلتين:

إحداهما: - وهي الأقل- تكون في وقت الحج، ويفضل كثير من الفقهاء أن يصوم سادس ذي الحجة وسابعه وثامنه.

وثانيتهما: - وهي الأكثر- تكون بعد الرجوع إلى أهله حيث يطمئن ويستقر وتذهب مشقة السفر فيصوم سبعة أيام.

وبعض الفقهاء يرى جواز الصيام عند الأخذ في الرجوع بعد الفراغ من أعمال الحج، ويرجح الوجه الأول ما رواه الشيخان من حديث ابن عمر وفيه: «فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» «١» .

والإشارة في قوله- تعالى-: تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ إلى الثلاثة والسبعة. ومميز العدد محذوف أى: أيام. والجملة مؤكدة لما أفاده قوله: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ وفائدة هذا التأكيد دفع توهم أن الواو بمعنى أو، أو أن السبعة كناية عن مطلق كثرة العدد، وبذلك يتقرر الحكم نصا، ويتبين أن الذي يحل محل النسك إنما هو العشرة الكاملة وليس بعضها.

ووصف العشرة بأنها كاملة، للتنويه بأن هذا الصوم طريق الكمال لأعمال الحج، وأن الحاج إذا نسى بعضها لا يكون حجه تاما حتى يصوم ما أمره الله- تعالى- به.

وقوله: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الإشارة فيه تعود إلى التمتع المفهوم من قوله- تعالى-: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ.. إلخ.

أى: ذلك التمتع الذي يتمتع فيه المحرم بين النسكين، إنما هو للشخص الذي ليس أهله من المقيمين في مكة وما حولها، لأن المقيمين في مكة وما حولها يفردون ولا يجمعون، إذ العمرة في إمكانهم أن يؤدوها طول أيام السنة.

وقد شرع- سبحانه- التمتع ليكون تيسيرا ورفقا للمقيمين بعيدا عن مكة هذا رأى الأحناف.


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>