للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الله- تعالى- أى: هو- سبحانه- الذي سماكم المسلمين من قبل نزول هذا القرآن.

وسماكم- أيضا- بهذا الإسلام في هذا القرآن.

وقيل: الضمير «هو» يعود إلى إبراهيم أى: إبراهيم هو الذي سماكم المسلمين.

ومن وجوه ضعف هذا القول: أن الله- تعالى- قال: وَفِي هذا أى سماكم المسلمين.

في هذا القرآن، وإبراهيم- عليه السلام- لحق بربه قبل نزول هذا القرآن بأزمان طويلة، وأيضا فإن السياق يؤيد أن الضمير «هو» يعود إلى الله- تعالى- لأن الأفعال السابقة كقوله هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ تعود إليه- عز وجل-.

ثم بين- سبحانه- أسباب هذا الاجتباء والاصطفاء فقال: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ.

والمراد بشهادة الرسول على أمته: الإخبار بأنه قد بلغهم رسالة ربه.

والمراد بشهادة هذه الأمة على غيرها من الناس: الإخبار بأن الرسل الذين أرسلهم الله- تعالى- إلى هؤلاء الناس، قد بلغوهم رسالة ربهم، ونصحوهم بإخلاص العبادة لله وحده.

ويؤيد ذلك ما رواه البخاري عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

يدعى نوح- عليه السلام- يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب. فيقال له: هل بلغت ما أرسلت به؟ فيقول: نعم. فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد صلّى الله عليه وسلّم وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ» .

وشبيه بهذه الجملة قوله- تعالى-: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً «١» .

والمعنى: فعلنا ما فعلنا من اجتبائكم، والتيسير عليكم، وتسميتكم بالمسلمين، ليكون الرسول صلّى الله عليه وسلّم شهيدا عليكم يوم القيامة بأنه قد بلغكم ما أمر بتبليغه إليكم، ولتكونوا أنتم شهداء على الناس بأن رسلهم قد بلغوهم رسالة ربهم.

وما دام الأمر كذلك فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أيها المؤمنون بأن تؤدوها في أوقاتها بإخلاص وخشوع وَآتُوا الزَّكاةَ التي كلفكم الله- تعالى- بإيتائها إلى مستحقيها وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ أى: التجئوا إليه، واستعينوا به في كل أموركم فإنه- سبحانه- هُوَ مَوْلاكُمْ


(١) سورة البقرة الآية ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>