للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ولا يملكون أن يقولوا غير ذلك، لأن بداهة العقل تضطرهم إلى أن يعترفوا بأن الأرض ومن فيها لله- تعالى-.

قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ أى: قل لهم في الجواب على اعترافهم هذا، أتعلمون ذلك، فلا تتذكرون بأن من خلق الأرض ومن فيها قادر على إحياء الناس بعد موتهم.

وأما الحجة الثانية فهي قوله- سبحانه-: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وهو كرسيه الذي وسع السموات والأرض؟

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ فهو رب كل شيء. قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ أى: قل لهم على سبيل التبكيت والتقريع، أتقولون ذلك، ومع هذا لا تتقون الله، ولا تخافون عقابه، بسبب عبادتكم لغيره، وإنكاركم لما نهاكم عن إنكاره؟

وأما الحجة الثالثة، فتتجلى في قوله عز وجل: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ..

أى: قل لهم من بيده ملك كل شيء كائنا ما كان.

فالملكوت من الملك، وزيدت الواو والتاء للمبالغة في هذا الملك.

وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ أى: وهو- سبحانه- يغيث من يشاء من خلقه فلا يستطيع أحد أن يناله بسوء، أما من يريد الله- تعالى- أن ينزل به عقابه، فلن يستطيع أحد أن يمنع هذا العقاب عنه.

يقال: أجرت فلانا على فلان، إذا أغثته وأنقذته منه. وعدى بعلى لتضمينه معنى النصر.

إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أى: إن كنتم- أيضا- من أهل العلم والفهم.

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ أى: سيقولون ملك كل شيء لله، والقدرة على كل شيء لله.

قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ أى: قل لهم في الجواب عليهم، ما دمتم قد اعترفتم بأن كل شيء تحت قدرة الله وسيطرته، فكيف تخدعون وتصرفون عن الحق وعن الرشد مع علمكم بهما، إلى ما أنتم عليه من باطل وغي!! يقال: سحر فلان غيره، بمعنى خدعه، أو أتى عمل السحر. والمسحور هو الشخص المخدوع أو من تأثر بما عمل له من سحر.

وبهذه الحجج الدامغة، أخرس الله- تعالى- ألسنة المنكرين للبعث، وأثبت لهم أنه- سبحانه- لا يعجزه شيء.

وبعد أن أثبت- سبحانه- أن البعث حق، أتبع ذلك بإثبات وحدانيته، وإبطال ما يزعمون له- تعالى- من الولد والشريك. فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>