وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ.
وقوله- تعالى- وَيَدْرَؤُا من الدّرء بمعنى الدفع. يقال: درأ فلان التهمة عن نفسه، إذا دفعها عن نفسه، وتبرأ منها.
والمراد بالعذاب هنا: العذاب الدنيوي وهو الحد الذي شرعه الله- تعالى- في هذا الشأن.
أى: أن الزوجة التي رماها زوجها بفاحشة الزنا يدفع عنها الحد ويرفع، إذا شهدت أربع شهادات بالله، إن زوجها لمن الكاذبين فيما قذفها به.
وقوله- سبحانه- وَالْخامِسَةُ بالنصب عطفا على أَرْبَعُ شَهاداتٍ.
أى: يدرأ عنها العذاب إذا شهدت أربع شهادات بالله أن زوجها كاذب فيما رماها به، ثم تشهد بعد ذلك شهادة خامسة مؤداها: أن غضب الله عليها، إن كان زوجها من الصادقين، في اتهامه إياها بفاحشة الزنا.
وجاء من جانب المرأة التعبير بقوله- تعالى-: أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها ليكون أشد في زجرها عن الكذب، واعترافها بالحقيقة بدون إنكار، لأن العقوبة الدنيوية أهون من غضب الله- تعالى- عليها في حالة كذبها.
ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات ببيان جانب من فضله- تعالى- على خلقه فقال:
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ.
وجواب «لولا» محذوف. وجاءت الآية بأسلوب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، للعناية بشأن مقام الامتنان والفضل من الله- تعالى- عليهم بتشريع هذه الأحكام.
أى: ولولا أن الله- تعالى- تفضل عليكم ورحمكم- أيها المؤمنون- بسبب ما شرعه لكم في حكم الذين يرمون أزواجهم بالفاحشة.. لولا ذلك لحصل لكم من الفضيحة ومن الحرج ما لا يحيط به الوصف، ولكنه- سبحانه- شرع هذه الأحكام سترا للزوجين، وتخفيفا عليهما. وحضا لهما على التوبة الصادقة النصوح، وأن الله- تعالى- «تواب» أى: كثير القبول لتوبة التائب متى صدق فيها، «حكيم» أى: في كل ما شرعه لعباده.
هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآيات، أن قاذف زوجته بفاحشة الزنا، إذا لم يأت بأربعة شهداء على صحة ما قاله. فإنه يكون مخيرا بين أن يلاعن، وبين أن يقام عليه الحد.
بخلاف من قذف أجنبية محصنة بفاحشة الزنا، فإنه يقام عليه الحد، إذا لم يأت بأربعة