٣- إرشاد المؤمنين إلى أن من أنجع الوسائل لمحاربة الإشاعات الكاذبة، أن يحسن بعضهم الظن ببعض، وأن يكتموا هذه الإشاعات حتى تموت في مهدها، وأن يزجروا من يتفوه بها. أو من يعمل على ترويجها. وأن يظهروا له احتقارهم، ونفورهم من مجرد سماعها.
وهذا الإرشاد الحكيم، نراه في آيات متعددة من هذه القصة، ومن ذلك قوله- تعالى-:
لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً، وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ.
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا. سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ.
٤- بيان جانب من مظاهر فضل الله- تعالى- ورحمته بعباده المؤمنين، الذين سبقتهم ألسنتهم بالخوض في حديث الإفك، أو في سماعه.. ثم تابوا بعد ذلك مما وقعوا فيه.
ويتجلى هذا الفضل العظيم، في قوله- تعالى-: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ. وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً، وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
٥- تحذير المؤمنين تحذيرا شديدا، عن مغبة الوقوع مرة أخرى. فيما وقع فيه بعضهم من الخوض في حديث الإفك، وفيما يشبهه من أحداث، وبيان أن ما حدث من بعضهم يتنافى مع ما يقتضيه الإيمان، ومع آداب الإسلام.
ومن الآيات التي وردت في هذا التحذير قوله- تعالى-: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
٦- تهديد الذين افتروا حديث الإفك بخبث وبسوء نية، وبإصرار على نشر قالة السوء في صفوف المؤمنين.. تهديدهم بأشد ألوان العذاب في الدنيا والآخرة، ووصفهم بأقبح الصفات التي تدعو إلى نبذهم والبعد عنهم.
ومن الآيات التي وردت في ذلك قوله- تعالى-: لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ، فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ. وقوله- سبحانه-: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.
وقوله- عز وجل-: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ.
قال صاحب الكشاف- رحمه الله- عند تفسيره لهذه الآيات ما ملخصه: «ولو فليت