وتطلق على ما يجب ستره من الإنسان، وهي- كما يقول الراغب- مأخوذة من العار، وذلك لأن المظهر لها يلحقه العار والذم بسبب ذلك.
أى: هذه الأوقات من ثلاث عورات كائنة لكم- فعليكم أن تعودوا مماليككم وخدمكم وصبيانكم. على الاستئذان عند إرادة الدخول عليكم فيها، لأنها أوقات يغلب فيها اختلاء الرجل بأهله، كما يغلب فيها التخفف من الثياب، وانكشاف ما يجب ستره.
وقوله- سبحانه-: لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ بيان لمظهر من مظاهر التيسير في شريعة الإسلام.
أى: وليس عليكم أيها المؤمنون والمؤمنات، ولا عليهم، أى: أرقائكم وصبيانكم «جناح» أى: حرج أو إثم في الدخول بدون استئذان «بعدهن» أى: بعد كل وقت من تلك الأوقات الثلاثة.
وقوله- تعالى- طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ تعليل لبيان العذر المرخص في ترك الاستئذان في غير الأوقات التي حددها الله- تعالى-.
أى: لا حرج في دخول مماليككم وصبيانكم عليكم في غير هذه الأوقات بدون استئذان لأنهم تكثر حاجتهم في التردد عليكم، وأنتم كذلك لا غنى لكم عنهم فأنتم وهم يطوف بعضكم على بعض لقضاء المصالح في كثير من الأوقات.
وبذلك يجمع الإسلام في تعاليمه بين التستر والاحتشام والتأدب بآدابه القويمة، وبين السماحة وإزالة الحرج والمشقة.
أى: مثل هذا البيان الحكيم يبين الله- تعالى- لكم الآيات التي توصلكم متى تمسكتم بها، إلى طريق الخير والسعادة، والله- عز وجل- عليم بما يصلح عباده، حكيم في كل ما يأمر به، أو ينهى عنه.
وهكذا تسوق لنا الآية الكريمة ألوانا من الأدب السامي، الذي يجعل الكبار والصغار يعيشون عيشة فاضلة، عامرة بالطهر والعفاف والحياء، والنقاء من كل ما يجرح الشعور، ومن كل تصور يتنافى مع الخلق الكريم.
ثم انتقلت السورة إلى الحديث عن حكم البالغين بالنسبة للاستئذان، بعد حديثها عن حكم غير البالغين بالنسبة لذلك فقال- تعالى- وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ، فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ....