صلى الله عليه وسلّم عما أصابه منهم، ويزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم.
(ج) أن السورة الكريمة مشتملة على آيات كثيرة، تبين ما سيكون عليه المشركون يوم القيامة من هم وغم وكرب وحسرة وندامة وسوء مصير، كما تبين ما أعده الله- تعالى- لعباده المؤمنين من عاقبة حسنة، ومن جنات تجرى من تحتها الأنهار.
فبالنسبة لسوء عاقبة المشركين نرى قوله- تعالى-: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً.
ونرى قوله- تعالى-: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي، وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا.
وبالنسبة للمؤمنين نرى قوله- تعالى-: قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا.
ونرى قوله- سبحانه-: وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. إلى قوله- تعالى-: خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً.
وهكذا نرى السورة تسوق آيات كثيرة في المقارنة بين مصير الكافرين ومصير المؤمنين..
وليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ...
هذه بعض الموضوعات التي اهتمت السورة الكريمة بتفصيل الحديث عنها، وهناك موضوعات أخرى سنتحدث عنها- بإذن الله- عند تفسيرنا لآياتها.
وصلّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
القاهرة- مدينة نصر ٢١ من شهر ربيع الآخر ١٤٠٥ هـ ١٣ من يناير ١٩٨٥ م.
المؤلف د. محمد سيد طنطاوى