للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ. مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ. وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ.. «١» .

والاستفهام في قوله أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً.. للإنكار والتوبيخ. والواو للعطف على مقدر، والتقدير: أغفلوا عن ذلك وجهلوه، ولم يكفهم للدلالة على صدقه وحقيقته أن يعلم ذلك علماء بنى إسرائيل، ويتحدث عنه عدولهم، وينتظرون مبعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونزول القرآن عليه صلّى الله عليه وسلّم.

قال- تعالى-: وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ، وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ «٢» .

وقال- سبحانه-: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ، يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ «٣» .

ثم ذكر- سبحانه- طرفا من جحود الكافرين وعنادهم فقال: وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ. فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ.

والأعجمين: جمع أعجم، وهو الذي لا يفصح وفي لسانه عجمة وإن كان عربي النسب، أو جمع أعجمى، إلا أنه حذف منه ياء النسب تخفيفا، كأشعر جمع أشعرى.

أى: ولو نزلنا هذا القرآن على رجل من الأعجمين، الذين لا يحسنون النطق بالعربية، فقرأ هذا القرآن على قومك- أيها الرسول الكريم- قراءة صحيحة لكفروا به عنادا ومكابرة مع أنهم في قرارة أنفسهم يعرفون صدقه، وأنه ليس من كلام البشر.

فالآيتان الكريمتان المقصود بهما تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما يراه من إنكار المشركين لدعوته، ومن وصفهم للقرآن تارة بأنه سحر، وتارة بأنه أساطير الأولين، تصوير صادق لما وصل إليه أولئك المشركون من جحود وعناد ومكابرة.

وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ، وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا، ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ.. «٤» .

ثم بين- سبحانه- أنهم مع علمهم بأن هذا القرآن من عند الله، وتأثرهم به سيستمرون على كفرهم حتى يروا العذاب الأليم، فقال- تعالى-:


(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ١٧٣.
(٢) سورة البقرة الآية ٨٩.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٥٧.
(٤) سورة الأنعام الآية ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>