للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإنذارهم، وهم العشيرة. أى: فإن عصوك ولم يتبعوك بعد إنذارهم، فقل إنى برىء من عملكم، أو من دعائكم مع الله إلها آخر. وجوز أن يكون عائدا على الكفار المفهوم من السياق.

وقيل: هو عائد على من اتبع من المؤمنين. أى: فإن عصوك يا محمد في الأحكام وفروع الإسلام، بعد تصديقك والإيمان بك وتواضعك لهم، فقل إنى برىء مما تعملون من المعاصي.. «١» .

وكان هذا في مكة، قبل أن يؤمر صلّى الله عليه وسلّم بقتال المشركين.

ثم أمره- سبحانه- بالتوكل عليه وحده فقال: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ أى:

اخفض جناحك لأتباعك المؤمنين، وقل لمن عصاك بعد إنذاره إنى برىء من أعمالكم، واجعل توكلك واعتمادك على ربك وحده، فهو- سبحانه- صاحب العزة والغلبة، والقهر، وصاحب الرحمة التي وسعت كل شيء.

وهو- عز وجل- الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ

إلى عبادته وإلى صلاته دون أن يكون معك أحد.

وهو- سبحانه- الذي يرى تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ أى: يراك وأنت تصلى مع المصلين، فتؤمهم وتنتقل بهم من ركن إلى ركن، ومن سنة إلى سنة حال صلاتك، والتعبير بقوله تَقَلُّبَكَ يشعر بحرصه صلّى الله عليه وسلّم على تعهد أصحابه، وعلى تنظيم صفوفهم في الصلاة، وعلى غير ذلك مما هم في حاجة إليه من إرشاد وتعليم.

وعبر عن المصلين بالساجدين، لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، فهذا التعبير من باب التشريف والتكريم لهم.

إِنَّهُ- سبحانه- هُوَ السَّمِيعُ لكل ما يصح تعلق السمع به الْعَلِيمُ بكل الظواهر والبواطن، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا السماء.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريم ببيان أن الشياطين من المحال أن تتنزل على الرسول صلى الله عليه وسلّم الصادق الأمين.. وإنما تتنزل على الكاذبين الخائنين، فقال- تعالى-:


(١) تفسير الآلوسى ج ١٩ ص ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>