للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء الحديث عن هذه الآيات في مواضع أخرى من القرآن الكريم منها قوله- تعالى-: فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ. وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ «١» .

وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ «٢» . وقوله- عز وجل-: فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ «٣» .

وقال- تعالى-: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ، وَالْجَرادَ، وَالْقُمَّلَ، وَالضَّفادِعَ، وَالدَّمَ.. «٤» .

وتحديد الآيات بالتسع، لا ينفى أن هناك معجزات أخرى، أعطاها الله- تعالى- لموسى- عليه السلام- إذ من المعروف عند علماء الأصول أن تحديد العدد بالذكر، لا يدل على نفى الزائد عنه.

قال ابن كثير: «ولقد أوتى موسى- عليه السلام- آيات أخرى كثيرة، منها ضربه الحجر بالعصا، وخروج الماء منه.. وغير ذلك. مما أوتوه بنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر. ولكن ذكر هنا هذه الآيات التسع التي شاهدها فرعون وقومه، وكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرا وجحودا» «٥» .

وقوله- تعالى-: إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ استئناف مسوق لبيان سبب إرسال موسى إلى فرعون وقومه.

أى: هذه الآيات التسع أرسلناك بها يا موسى إلى فرعون وقومه، لأنهم كانوا قوما فاسقين عن أمرنا، وخارجين على شرعنا، وعابدين لغيرنا من مخلوقاتنا.

ثم بين- سبحانه- موقف فرعون وقومه من هذه المعجزات الدالة على صدق موسى فقال:

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا. فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ.

وقوله مُبْصِرَةً من الإبصار والظهور. وهو اسم فاعل بمعنى اسم المفعول، للإشعار


(١) سورة الشعراء الآيتان ٣٢، ٣٣.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٣٠.
(٣) سورة الشعراء الآية ٦٣.
(٤) سورة الأعراف الآية ١٣٣.
(٥) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>