للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطلق- أيضا- على صحن الدار وساحته. يقال: هذه صرحة الدار. أى: ساحتها وعرصتها.

وكان سليمان- عليه السلام- قد بنى هذا الصرح، وجعل بلاطه من زجاج نقى صاف كالبلور. بحيث يرى الناظر ما يجرى تحته من ماء.

أى: قال سليمان لملكة سبأ بعد أن سألها: أهكذا عرشك، وبعد أن أجابته بما سبق بيانه.

قال لها: ادخلى هذا القصر، فلما رأت هذا الصرح وما عليه من جمال وفخامة، حسبته لجة.

أى: ظنته ماء غزيرا كالبحر.

كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها

لئلا تبتل بالماء أذيال ثيابها.

وهنا قال سليمان مزيلا لما اعتراها من دهشة: نَّهُ

أى: ما حسبته لجةرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ

أى: قصر مملس من زجاج لا يحجب ما وراءه.

فقوله مَرَّدٌ

بمعنى مملس، مأخوذ من قولهم: شجرة مرداء إذا كانت عارية من الورق، وغلام أمرد، إذا لم يكن في وجهه شعر والتمريد في البناء، معناه: التمليس والتسوية والنعومة.

والقوارير: جمع قارورة، وهي إناء من زجاج، وتطلق القارورة على المرأة، لأن الولد يقر في رحمها، أو تشبيها لها بآنية الزجاج من حيث ضعفها، ومنه الحديث الشريف: «رفقا بالقوارير» . والمراد بالقوارير هنا. المعنى الأول.

ثم حكى- سبحانه- ما قالته بلقيس بعد أن رأت جانبا من عجائب صنع الله فقال:

لَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي

أى: بسبب عبادتي لغيرك قبل هذا الوقت.. أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ

طائعة مختارة، وإسلامى إنما هولَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

وليس لأحد سواه.

وبعد، فهذا تفسير محرر لتلك القصة، وقد أعرضنا عن كثير من الإسرائيليات التي حشا بها بعض المفسرين تفاسيرهم، عند حديثهم عن الآيات التي وردت في هذه القصة، ومن ذلك ما يتعلق بسليمان- عليه السلام- وبجنوده من الطير. وبمحاورة النملة له، وبالهدية التي أرسلتها ملكة سبأ إليه، وبما قالته الشياطين لسليمان عن هذه المرأة.. إلخ وقد اشتملت هذه القصة على عبر وعظات وأحكام وآداب، من أهمها ما يأتى:

١- أن الله- تعالى- قد أعطى- بفضله وإحسانه- داود وسليمان عليهما السلام- نعما عظيمة، على رأسها نعمة النبوة، والملك، والعلم النافع.

وأنهما قد قابلا هذه النعم بالشكر لله- تعالى- واستعمالها فيما خلقت له.

<<  <  ج: ص:  >  >>