للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمير الشأن، وتبدى بمعنى تظهر، من بدا الشيء يبدو بدوا وبداء إذا ظهر ظهورا واضحا.

والضمير في بِهِ يعود إلى موسى- عليه السلام-.

أى: وصار فؤاد أم موسى فارغا من كل شيء سوى التفكير في مصيره، وإنها كادت لتصرح للناس بأن الذي التقطه آل فرعون، هو ابنها، وذلك لشدة دهشتها وخوفها عليه من فرعون وجنده.

وجواب الشرط في قوله- تعالى-: لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها محذوف دل عليه ما قبله.

أى: لولا أن ربطنا على قلبها بقدرتنا وإرادتنا. بأن ثبتناه وقويناه، لأظهرت للناس أن الذي التقطه آل فرعون هو ابنها.

وأصل الربط: الشد والتقوية للشيء. ومنه قولهم فلان رابط الجأش، أى: قوى القلب.

وقوله- تعالى-: لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ علة لتثبيت قلبها وتقويته، فهو متعلق بقوله:

رَبَطْنا.

أى: ربطنا على قلبها لتكون من المصدقين بوعد الله- تعالى-، وأنه سيرد إليها ابنها، كي تقر عينها ولا تحزن.

ثم بين- سبحانه- ما فعلته أم موسى بعد ذلك فقال: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ.. أى لم تسكت أم موسى بعد أن علمت بالتقاط آل فرعون له، بل قالت لأخت موسى قُصِّيهِ أى تتبعى أثره وخبره وما آل إليه أمره. يقال: قص فلان أثر فلان فهو يقصه، إذا تتبعه، ومنه القصص للأخبار المتتبعة.

والفاء في قوله- سبحانه-: فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ هي الفصيحة. والجنب:

الجانب.

أى: فقصت أخت موسى أثره، فأبصرته عن جانب منها، وكأنها لا تريد أن تطلع أحدا على أنها تبحث عن أخيها. وتتبع أثره والجار والمجرور حال من الفاعل، أى: بصرت به مستخفية كائنة عن جنب.

قال الآلوسى: عَنْ جُنُبٍ أى عن بعد، وقيل عن شوق إليه.. وقال الكرماني جُنُبٍ صفة لموصوف محذوف، أى عن مكان جنب بعيد وكأنه من الأضداد، فإنه يكون بمعنى القريب- أيضا- كالجار الجنب. وقيل على جانب.. وقيل: النظر عن جنب، أن

<<  <  ج: ص:  >  >>