للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض المعاصي، فأقول لك: إن الذنب ليس ذنب الصلاة، وإنما الذنب ذنب هذا المرتكب للمعاصي، لأنه لم يؤد الصلاة أداء مصحوبا بالخشوع والإخلاص ... وإنما أداها دون أن يتأثر بها قلبه.. ولعلها تنهاه في يوم من الأيام ببركة مداومته عليها، كما جاء في الحديث الشريف:

«إن الصلاة ستنهاه» .

وقوله- سبحانه-: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ أى: ولذكر الله- تعالى- بجميع أنواعه من تسبيح وتحميد وتكبير وغير ذلك من ألوان العبادة والذكر، أفضل وأكبر من كل شيء آخر، لأن هذا الذكر لله- تعالى- في كل الأحوال، دليل على صدق الإيمان، وحسن الصلة بالله- تعالى-.

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، قال ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر.. أى: ولذكر الله- تعالى- إياكم، أكبر من ذكركم إياه- سبحانه-..

وروى عن جماعة من السلف أن المعنى: ولذكر العبد لله- تعالى-، أكبر من سائر الأعمال.

أخرج الإمام أحمد عن معاذ بن جبل قال: ما عمل ابن آدم عملا أنجى له من عذاب الله يوم القيامة، من ذكر الله- تعالى-..

وقيل: المراد بذكر الله: الصلاة. كما في قوله- تعالى-: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، أى: إلى الصلاة، فيكون المعنى: وللصلاة أكبر من سائر الطاعات، وإنما عبر عنها به، للإيذان بأن ما فيها من ذكر الله- تعالى- هو العمدة في كونها مفضلة على الحسنات، ناهية عن السيئات» «١» .

ويبدو لنا أن المراد بذكر الله- تعالى- هنا: ما يشمل كل قول طيب وكل فعل صالح، يأتيه المسلم بإخلاص وخشوع، وعلى رأس هذه الأقوال والأفعال: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والصلاة وما اشتملت عليه من أقوال وأفعال..

وأن المسلم متى أكثر من ذكر الله- تعالى-، كان ثوابه- سبحانه- له، وثناؤه عليه، أكبر وأعظم من كل قول ومن كل فعل.

وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ تذييل قصد به الترغيب في إخلاص العبادة لله، والتحذير من الرياء فيها.


(١) تفسير الآلوسى ج ٢٠ ص ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>