للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومرادهم بالآيات في قوله- تعالى-: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ الآيات الكونية، كعصا موسى، وناقة صالح. ولولا حرف تحضيض بمعنى هلا.

أى: وقال المبطلون للنبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعنت والعناد، هلا جئتنا يا محمد بمعجزات حسية كالتي جاء بها بعض الأنبياء من قبلك، لكي نؤمن بك ونتبعك؟

وقوله: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ، وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ إرشاد من الله- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم إلى ما يرد به عليهم.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- في ردك على هؤلاء الجاهلين، إنما الآيات التي تريدونها عند الله- تعالى- وحده، ينزلها حسب إرادته وحكمته، أما أنا فإن وظيفتي الإنذار الواضح بسوء مصير من أعرض عن دعوتي، وليس من وظيفتي أن أقترح على الله- تعالى- شيئا.

وقوله- سبحانه-: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ.. كلام مستأنف من جهته- تعالى- لتوبيخهم على جهالاتهم، والاستفهام للإنكار، والواو للعطف على مقدر.

والمعنى: أقالوا ما قالوا من باطل وجهل، ولم يكفهم أنا أنزلنا عليك هذا الكتاب الناطق بالحق، يتلى على مسامعهم صباح مساء، ويهديهم إلى ما فيه سعادتهم، لو تدبروه وآمنوا به، واتبعوا أوامره ونواهيه؟

والتعبير بقوله- سبحانه-: يُتْلى عَلَيْهِمْ، يشير إلى أن هذه التلاوة متجددة عليهم، وغير منقطعة عنهم، وكان في إمكانهم أن ينتفعوا بها لو كانوا يعقلون.

ولذا ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

أى: إن في ذلك الكتاب الذي أنزلناه عليك- أيها الرسول الكريم-، والذي تتلوه عليهم صباح مساء، لرحمة عظيمة، وذكرى نافعة، لقوم يؤمنون بالحق، ويفتحون عقولهم للرشد، لا للتعنت والجحود والعناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>