للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن صاحبك يقول: إن الروم تظهر على فارس في بضع سنين: قال: صدق. قالوا: هل لك أن نقامرك؟ - أى: نراهنك وكان ذلك قبل تحريم الرهان- فبايعوه على أربع قلائص- جمع قلوص، وهي من الإبل: الشابة- إلى سبع سنين. فمضت السبع ولم يكن شيء. ففرح المشركون بذلك، فشق على المسلمين، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما بضع سنين عندكم؟

قالوا: دون العشر.

قال: اذهب فزايدهم، وازدد سنتين في الأجل. قال: فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس، ففرح المؤمنون بذلك. «١» .

وقال بعض العلماء: اتفق المؤرخون من المسلمين وأهل الكتاب على أن ملك فارس كان قد غزا بلاد الشام مرتين: في سنة ٦١٣، وفي سنة ٦١٤، أى: قبل الهجرة بسبع سنين، فحدث أن بلغ الخبر مكة. ففرح المشركون، وشمتوا في المسلمين.. فنزلت هذه الآيات.

فلم يمض من البضع- وهو ما بين الثلاث إلى التسع- سبع سنين، إلا وقد انتصر الروم على الفرس، وكان ذلك سنة ٦٢١ م. أى: قبل الهجرة بسنة «٢» .

وأدنى بمعنى أقرب. والمراد بالأرض: أرض الروم.

أى: غلبت الروم في أقرب أرضها من بلاد الفرس.

قال ابن كثير: وكانت الواقعة الكائنة بين فارس والروم، حين غلبت الروم، بين أذرعات وبصرى، - على ما ذكره ابن عباس وعكرمة وغيرهما-، وهي طرف بلاد الشام مما يلي الحجاز.

وقال مجاهد: كان ذلك في الجزيرة، وهي أقرب بلاد الروم من فارس «٣» .

وقال الآلوسى: والمراد بالأرض: أرض الروم، على أن «أل» نائبة مناب الضمير المضاف إليه، والأقربية بالنظر إلى أهل مكة، لأن الكلام معهم. أو المراد بها أرض مكة ونواحيها، لأنها الأرض المعهودة عندهم، والأقربية بالنظر إلى الروم «٤» .

وقوله- تعالى-: وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ بشارة من الله- تعالى- للمؤمنين، بأن الله- تعالى- سيحقق لهم ما يرجونه من انتصار الروم على الفرس.


(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٣٠٥. وتفسير ابن جرير ج ٢١ ص ١٣.
(٢) تفسير القاسمى ج ١٢ ص ٤٧٦٥.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٣١٠.
(٤) تفسير الآلوسى ج ٢١ ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>