ولا يعملون على إزالة جهلهم، لتوهمهم أنهم ليسوا بجهلاء، وهذا أسوأ أنواع الجهل، لأنه جهل مركب، إذ صاحبه يجهل أنه جاهل. فهو كما قال الشاعر:
قال حمار الحكيم يوما ... لو أنصفونى لكنت أركب
لأننى جاهل بسيط ... وصاحبي جاهل مركب
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة، بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على هؤلاء الجاهلين، فقال: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ.
أى: إذا كان الأمر كما وصفنا لك من أحوال هؤلاء المشركين، فاصبر على أذاهم، وعلى جهالاتهم، فإن وعد الله- تعالى- بنصرك عليهم حق لا شك في ذلك.
وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ أى: ولا يزعجنك ويحملنك على عدم الصبر، الذين لا يوقنون بصحة ما تتلو عليهم من آيات، ولا بما تدعوهم إليه من رشد وخير.
وهكذا ختمت السورة الكريمة بالوعد بالنصر، كما افتتحت بالوعد به، للمؤمنين الصادقين وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.
وبعد: فهذه هي سورة الروم، وهذا تفسير محرر لها، نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده.