للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ندائه بلفظ يا بُنَيَّ إشفاق عليه. ومحبة له، فالمراد بالتصغير إظهار الحنو عليه، والحرص على منفعته.

قيل: وكان ابنه كافرا فما زال يعظه حتى أسلم. وقيل: بل كان مسلما، والنهى عن الشرك المقصود به، المداومة على ما هو عليه من إيمان وطاعة لله رب العالمين.

وجملة إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ تعليل للنهى. أى: يا بنى حذار أن تشرك بالله في قولك أو فعلك، إن الشرك بالله- تعالى- لظلم عظيم، لأنه وضع للأمور في غير موضعها الصحيح، وتسوية في العبادة بين الخالق والمخلوق.

وقوله- تعالى-: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ.. كلام مستأنف، جيء به على سبيل الاعتراض في أثناء وصية لقمان لابنه، لبيان سمو منزلة الوالدين، ولأن القرآن كثيرا ما يقرن بين الأمر بوحدانية الله- تعالى-، والأمر بالإحسان إلى الوالدين.

ومن ذلك قوله- تعالى-: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.. «١» .

وقوله- عز وجل-: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ، أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.. «٢» . أى: أمرنا كل إنسان أن يكون بارا بأبويه، وأن يحسن إليهما، وأن يطيع أمرهما في المعروف.

ثم بين- سبحانه- ما بذلته الأم من جهد يوجب الإحسان إليها فقال: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ أى: حملته أمه في بطنها وهي تزداد في كل يوم ضعفا على ضعف، بسب زيادة وزنه، وكبر حجمه، وتعرضها لألوان من التعب خلال حمله ووضعه.

والوهن: الضعف. يقال: وهن فلان يهن وهنا. إذا ضعف. ولفظ «وهنا» حال من أمه بتقدير مضاف. أى: حملته أمه ذات وهن، أو مصدر مؤكد لفعل هو الحال. أى: تهن وهنا.

وقوله: عَلى وَهْنٍ متعلق بمحذوف صفة للمصدر. أى: وهنا كائنا على وهن.

وقوله: وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ بيان لمدة إرضاعه. والفصال: الفطام عن الرضاع.

أى: وفطام المولود عن الرضاعة يتم بانقضاء عامين من ولادته، كما قال- تعالى-:

وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ... «٣» .


(١) سورة الإسراء الآية ٢٣.
(٢) سورة الأنعام الآية ١٥١.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>