للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذى قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا» .

إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في هذا المعنى.

وللأستاذ الإمام كلام جيد في هذا المقام، فقد قال- رحمه الله- ما ملخصه: إن الأمة المؤلفة من مليون فرد إذا كانت تبذل من فضل مالها في مصالحها العامة كإعداد القوة وتربية الناشئة.. تكون أعز وأقوى من أمة مؤلفة من مائة مليون فرد لا يبذلون شيئا في مثل ذلك لأن الواحد من الأمة الأولى يعد بأمة، إذ هو يعتبر نفسه جزءا منها وهي كل له، بينما الأمة الثانية لا تعد بواحد لأن كل فرد من أفرادها يخذل الآخر.. وفي الحقيقة أن مثل هذا الجمع لا يسمى أمة، لأن كل واحد من أفراده يعيش وحده وإن كان في جانبه أهل الأرض، فهو لا يتصل بمن معه ليمدهم ويستمد منهم» «١» .

ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.

أى: مثل هذا البيان الحكيم الذي بينه الله لكم فيما سألتم عنه يبين لكم في سائر كتابه آياته وأحكامه وحججه لكي تتفكروا وتتدبروا فيما ينفعكم في دنياكم وآخرتكم، بأن تعملوا في الدنيا العمل الصالح الذي يجعلكم تظفرون برضا الله في أخراكم.

قال صاحب الكشاف: «وقوله: فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ إما أن يتعلق بتتفكرون، فيكون المعنى: لعلكم تتفكرون فيما يتعلق بالدارين فتأخذون بما هو أصلح لكم كما بينت لكم أن العفو أصلح من الجهد في النفقة وتتفكرون في الدارين فتؤثرون أبقاهما وأكثرهما منافع. ويجوز أن يكون إشارة إلى قوله وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما فيكون المعنى: لتفكروا في عقاب الإثم في الآخرة والنفع في الدنيا حتى لا تختاروا النفع العاجل على النجاة من العقاب الأليم. وإما أن يتعلق بيبين على معنى: يبين لكم الآيات في أمر الدارين وفيما يتعلق بهما لعلكم تتفكرون» «٢» .

أما السؤال الثالث والأخير الذي ورد في هاتين الآيتين فهو قوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ.

أخرج أبو داود والحاكم والنسائي وغيرهم عن ابن عباس قال:


(١) تفسير المنار ج ٢ ص ٢٣٨.
(٢) تفسير الكشاف ج ١ ص ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>