للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: قال العلماء: الحجزة: السراويل، والمعقد للإزار، فإذا أراد الرجل إمساك من يخاف سقوطه أخذ بذلك الموضع منه، وهذا مثل لاجتهاد نبينا صلّى الله عليه وسلّم في نجاتنا، وحرصه على تخليصنا من الهلكات التي بين أيدينا، فهو أولى بنا من أنفسنا «١» .

وقال الإمام ابن كثير. قد علم الله- تعالى- شفقة رسوله صلّى الله عليه وسلّم على أمته، ونصحه لهم: فجعله أولى بهم من أنفسهم، وحكمه فيهم مقدما على اختيارهم لأنفسهم.

وفي الصحيح «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين» .

وروى البخاري عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة. اقرءوا إن شئتم: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتنى فأنا مولاه» .

وروى الإمام أحمد عن جابر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فأيما رجل مات وترك دينا فإلى، ومن ترك مالا فلورثته «٢» .

وقال الآلوسى: وإذا كان صلّى الله عليه وسلّم بهذه المثابة في حق المؤمنين، يجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وحكمه- عليه الصلاة والسلام- عليهم أنفذ من حكمها، وحقه آثر لديهم من حقوقها، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها.

وسبب نزول الآية- على ما قيل- ما روى من أنه صلّى الله عليه وسلّم أراد غزوة تبوك، فأمر الناس بالخروج: فقال أناس منهم: نستأذن آباءنا وأمهاتنا فنزلت. ووجه دلالتها على السبب أنه صلّى الله عليه وسلّم إذا كان أولى من أنفسهم، فهو أولى من الأبوين بالطريق الأولى «٣» .

ثم بين- سبحانه- منزلة أزواجه صلّى الله عليه وسلّم بالنسبة للمؤمنين فقال: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ أى: وأزواجه صلّى الله عليه وسلّم بمنزلة أمهاتكم- أيها المؤمنون- في الاحترام والإكرام، وفي حرمة الزواج بهن.

قالوا: وأما ما عدا ذلك كالنظر إليهن، والخلوة بهن، وإرثهن. فهن كالأجنبيات.

ثم بين- سبحانه- أن التوارث إنما يكون بين الأقارب فقال- تعالى- وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً، كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً.


(١) تفسير القرطبي ج ١٤ ص ١٢٢.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٢٨١. [.....]
(٣) تفسير الآلوسى ج ٢١ ص ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>